للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة الكوثر [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢)}

الكوثر: فوعل من الكثرة قال [من الطويل]:

وأنت كثير يابن مروان طيب ... وكان أبوك ابن الأكارم كوثرا (١)

وقيل: الكوثر: نهر في الجنة. وقيل: ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، حافاته الزبرجد وأوانيه من فضة، عدد نجوم السماء، لا يظمأ من شرب منه أبدا، أول وارد عليه فقراء المهاجرين الذين لا يزوجون المنعّمات، ولا تفتح لهم السدد (٢) يموت أحدهم وحاجته تتلجلج في صدره لو أقسم على الله لأبره (٣). وقال ابن الزبير لابن عباس: إن ناسا يقولون: هو نهر في الجنة فقال:" الذي في الجنة من ذلك الخير " (٤) وقيل: هي جنس الصلاة. والنحر: وضع اليمني على الشمال. {إِنّا أَعْطَيْناكَ} في الدنيا خيرا كثيرا، فجعلناك تابعا لهداية ملك الملوك. {فَصَلِّ لِرَبِّكَ} فإن الصلاة عماد الدين (٥).

{وَانْحَرْ} بدنك لله خالصا مخالفا لما كانت العرب ينحرون للطواغيت وأن من يبغضك


(١) البيت للكميت بن زيد، ينظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٥٢٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٥٧٧)، ديوان الكميت (١/ ٢٧٩)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٨٠٦)، لسان العرب (كثر)، وفي الدر:
وكان أبوك ابن العقائل كوثرا.
(٢) السدد: البيوت والدور.
(٣) رواه أحمد في المسند رقم (٢١٣٣٣)، والترمذي رقم (٢٣٨٦) عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" حوضي من عدن إلى عمان البلقاء ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وأكاويبه عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين الشعث رءوسا الدنس ثيابا الذين لا ينكحون المتنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدد ". وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع رقم (٢٠٦٠).
(٤) رواه البخاري في صحيحه رقم (٦٠٩٢).
(٥) روي في هذا المعنى حديث نسبه السيوطي في الجامع الصغير للبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب يرفعه بلفظ:" الصلاة عماد الدين "وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع رقم (٣٥٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>