للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تفسير سورة فاطر [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{الْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)}

{فاطِرِ السَّماواتِ} مبتديها ومبتدعها، وعن ابن عباس: ما كنت أدري معنى الفاطر حتى اختصم رجلان في بئر؛ فقال أحدهما: هي بئري وأنا فطرتها، أي: ابتدأتها (١).

{مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ} صفة للأجنحة، وإنما لم ينصرف لتكرر العدل فيها، والتقدير: أولي أجنحة اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة. وزعم الزمخشري (٢) أنه لا يفترق الحال في مثنى وثلاث بين المكررة، وغير المكررة وفيه نظر؛ لأن غير المكررة حقيقة بأن تنصرف؛ لأن مثنى وثلاث المكرر إنما نقل إلى هذا الوزن ليدل على التكرر؛ فالتكرر هو موجب منع صرفها؛ فلا تستوي المكررة وغيرها.

{يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ} قيل: في عدد الأجنحة. وقيل: في الجناح الثالث والرابع تقوية واستظهار، والجناحان الأولان هما الأصل.

فإن قلت: قياس قسمة الأجنحة أن يكون في كل شق نصفها، فأين موضع الثالث إذا كانت ثلاثة؟ قلت: يجوز أن يكون الجناح الثاني في الوسط يعطي الجناحين قوة، ويجوز أن يكون الجناح الثاني لغير الطيران، قال الزمخشري:" رأيت في بعض الكتب أن بعض الملائكة لهم ستة أجنحة: جناحان يلفون بهما أجسادهم، وجناحان يطيرون بهما، وجناحان مرخيان على وجوههم؛ حياء من الله " (٣).وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل وله ستمائة جناح (٤). وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل مرة أخرى فغشي عليه،


(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٤٥٨) ونسبه لأبي عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان.
(٢) ينظر: الكشاف للزمخشري (٣/ ٥٩٥).
(٣) ينظر: الكشاف للزمخشري (٣/ ٥٩٥).
(٤) رواه البخاري رقم (٢٩٩٣)، ومسلم رقم (٢٥٣)، والترمذي رقم (٣١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>