للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة المزمل [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤)}

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تلفف في قطيفة له، وهو المتزمل. وهو سبب لاستثقال النوم، فقيل له: إنك مأمور بدعوة الخلق وهذا النوم الذي نمته ليس بنوم من يهمه أمر، فقم الليل وابذل الدعاء وأنشدوا [من الكامل]:

أوردها سعد وسعد مشتمل ... ما هكذا تورد يا سعد الإبل (١)

وقال ذو الرمة: [من الطويل]:

وداء تخطّت ناقتي من مفازة ... ومن نائم عن ليلها متزمّل (٢)

وأمر أن يختار على الهجود التهجد، وعلى التزمل التجرد، ولا جرم أن الصحابة


(١) ينسب هذا البيت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وله قصة. ينظر في: غريب الحديث لابن الجوزي (١/ ٥٢٩)، غريب الحديث لابن سلام (٣/ ٤٧٧)، لسان العرب (شرع)، والقصة رواها البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ١٠٤) عن أبي عبيد بن سلام قال: سافر رجل مع أصحاب له فلم يرجع حين رجعوا، فاتهم أهله أصحابه، فرفعوهم إلى شريح، فسألهم البينة على قتله، فارتفعوا إلى علي رضي الله عنه وأخبروه بقول شريح فقال علي رضي الله عنه:" أوردها سعد وسعد مشتمل يا سعد لا تروي بها ذاك الإبل "، ثم قال: إن أهون السقي التشريع. قال: ثم فرق بينهم وسألهم فاختلفوا ثم أقروا بقتله فأحسبه قال: فقتلهم به. قال أبو عبيد: حدثنيه رجل لا أحفظ اسمه عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن علي رضي الله عنه قال أبو عبيد: قوله أوردها سعد وسعد مشتمل هذا مثل يقال إن أصله أن رجلا أورد إبله ماء لا تصل إلى شربه إلا بالاستقاء ثم اشتمل ونام وتركها يقول: فهذا الفعل لا تروي به الإبل. وقوله: إن أهون السقي التشريع هو مثل أيضا يقول إن أيسر ما ينبغي أن يفعل بها أن يمكنها من الشريعة. أو الحوض يقول: إن أهون ما كان ينبغي لشريح أن يفعل أن يستقصي في المسألة والنظر والكشف عن خبر الرجل حتى يعذر في طلبه ولا يقتصر على طلب البينة فقط".
(٢) ينظر البيت في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٣٥٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٠١)، ديوان ذي الرمة (ص: ٦٠٠)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٣٤) ويروى: وكائن تخطت ناقتي

<<  <  ج: ص:  >  >>