للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الأحزاب [مدنية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١) وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٣) ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤)}

{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ} أي: دم على التقوى. {وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ} فيما يدعونك إليه. روي أنهم قالوا له: إن العرب لا تحتمل القهر فاعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة؛ فنزلت (١). كان رجل من العرب فصيح اللسان يقال له أبو عمرو، وكان يقول: إن لي قلبين أعقل بكل منهما كما يعقل محمد؛ فأنزل الله تعالى ذكره {ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} (٢). ومثل ذلك بمثالين؛ أن تكون المرأة أم الرجل وهي زوجته، وجعل الدعي نسيبا؛ فكما لا يجتمع هذان الأمران لا يجتمع أن يكون للرجل قلبان. {ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ} وكل قول لا يعضده دليل يعبر الله تعالى عنه بأنه قول بالفم، وإن كانت الأقوال كلها بالفم، أي: لا يواطئ عليها القلب. وقوله: {فِي جَوْفِهِ} زيادة تصوير للأمر كأنك تشاهده، ومنه قوله تعالى: {وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ} (٣). وقوله: {فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (٤).

وقد اشتق لفظ الظهار من قوله: أنت عليّ كظهر أمي. وكذلك تأفف الرجل إذا قال:

أفّ. وإنما عدي "ظاهر" ب‍ "من"، وكان الظهار طلاقا في الجاهلية تجتنب فيه المرأة المظاهر منها؛ لأنه ضمن "تظاهر" معنى "تباعد" فعدي تعديته.


(١) رواه الواحدي في أسباب النزول (ص: ٣٦٤ رقم ٦٨٨).
(٢) رواه الطبري في التفسير (٢١/ ١١٨)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٥٦١) للفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) سورة الأنعام، الآية (٣٨).
(٤) سورة الحج، الآية (٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>