للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الكهف [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢) ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (٣) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً (٤) ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاّ كَذِباً (٥) فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦) إِنّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧) وَإِنّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً (٨) أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (١٠)}

حمد الله نفسه، واستحمد إلى خلقه بإنزال الكتاب إذ هو كافل بمصالح الدين والدنيا.

وقوله: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً} معترض بين فعل {يَجْعَلْ} ومفعوله {عِوَجاً} {قَيِّماً} قائما بمصالح العباد (١) {لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ} ولم يذكر من أنذره {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ} ثم ذكر إنذار الكفار فبيّن المنذر ولم يبين ما أنذروا به، فقال: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً} الآية، وقد صرح بهما في قوله: {إِنّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً} (٢) وحذفهما في قوله:

{إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} (٣).

وقوله: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ} إشارة إلى أنه كان يجب ألا تبرز هذه الكلمة من صدورهم، كما جاء في الحديث: "إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يذكره" (٤) ونصب {كَلِمَةً} كما انتصب في قوله: {بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً} ونعم زيد رجلا. {باخِعٌ}


(١) قال الأشموني في منار الهدى (ص: ٢٢٨): "الوقف على" عوجا "حسن، وبين الوقف عليه أن " قيما "منفصل عن" عوجا ".
(٢) سورة النبأ، الآية (٤٠).
(٣) سورة نوح، الآية (٢).
(٤) رواه مسلم رقم (١٣٢) عن أبي هريرة قال:" جاء ناس من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان ".

<<  <  ج: ص:  >  >>