للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة البروج [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤)}

{وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ} هي البروج الاثنا عشر. وقيل: قصور السماء على التشبيه. وقيل:

البروج: النجوم التي هي منازل القمر. وقيل: عظام الكواكب، سميت بروجا لعظمها.

{وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ} يوم القيامة. {وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} فيه، والمراد بالشاهد: من يشهد فيه من الخلائق عليهم، والمشهود: ما في ذلك اليوم من عجائب. وتنكيرها على ما قدمته في قوله:

{عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ} (١) وقد اضطربت أقوال المفسرين فيها؛ فقيل: الشاهد: محمد، والمشهود: يوم القيامة. وقيل: (٣٣٦ /أ) عيسى وأمته. فإن قلت: أين جواب القسم؟ قلت:

محذوف يدل عليه قوله: {قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ}. وكأنه قيل: أقسم بهذه الأقسام ليعذبن الله من كذبك، وذلك أن السورة نزلت في ثبات المؤمنين وصبرهم على أذى الكفار، وتذكيرهم بما جرى على غيرهم من المعذبين. قتلت قريش كما {قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ} والأخدود: الشق في الأرض.

روي أنه كان لبعض الملوك ساحر، فلما كبر ضم إليه غلاما ليعلمه السحر، وكان في طريق الغلام راهب يسمع منه، فرأى في طريقه ذات يوم حية قد حبست الناس، فأخذ حجرا وقال: اللهم إن كان الراهب أحب إليك من الساحر فاقتلها. فقتلها، فكان الغلام بعد ذلك يبرئ الأكمه والأبرص، وعمي جليس الملك فأبرأه، فسأله الملك: من ردّ عليك بصرك؟ فقال: ربي. فغضب فعذبه، فدل على الغلام فعذبه، فدل على الراهب فلم يرجع الراهب عن دينه فقد بالمنشار، وأتى بالغلام فذهب به إلى جبل ليلقى من ذروته فدعا فرجف بالقوم فهلكوا ونجا الغلام، فذهب به إلى قرقور (٢) فلججوا به (٣) ليغرقوه فدعا فانكفأت بهم


(١) سورة التكوير، الآية (١٤).
(٢) قرقور: هو السفينة العظيمة وجمعها قراقير. ينظر: النهاية في غريب الأثر لابن الأثير (٤/ ٤٨).
(٣) يقال: ألج القوم ولججوا: ركبوا اللجة. والتج الموج: عظم. ولجج القوم: إذا وقعوا في اللجة. ولججت السفينة أي: خاضت اللجة. والتج البحر التجاجا والتجت الأرض بالسراب: صار فيها منه كاللج والتج الظلام: التبس واختلط. واللجة: الصوت. ينظر: لسان العرب (لجج).

<<  <  ج: ص:  >  >>