للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة الصف [مدنية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (٣)}

{لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} تسقط ألف ما الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر؛ طلبا للخفة؛ نحو: فيم وبم {لِمَ تُحَرِّمُ} (١) {عَمَّ يَتَساءَلُونَ} (٢) {مِمَّ خُلِقَ} (٣) ويوقف عليها بالهاء ويجوز أن يوقف عليها ساكنة. وقيل: إن المؤمنين طلبوا أن يفترض عليهم القتال وقالوا: نبذل نفوسنا وأموالنا، فأوجب الله ذلك عليهم، ففروا يوم أحد، فعيرهم الله. واللفظ عام في كل من أخلف بفعله قوله: (٣٠٠ /أ).

وقيل: أبلى رجل من المشركين في المسلمين فابتدره صهيب فقتله، وانتحل قتله رجل آخر، فقال عمر لصهيب: أنت الذي قتلته. فحدث به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له صهيب: إنما قتلته لله ولرسوله؛ فقال عمر: يا رسول الله ما قتله إلا صهيب؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أكذلك يا أبا يحيى؟ فنزلت في ذلك الرجل الذي ادّعى قتله (٤).

وقيل: كان الرجل يقول: قتلت وطعنت ولم يفعل، فنزلت. وقيل: نزلت في المنافقين وأما نداؤهم بالإيمان فهو استهزاء بهم وتهكم.

{كَبُرَ مَقْتاً} هذا كلام فيه معنى التعجب، وليس من ألفاظ التعجب في شيء؛ كقوله [من الطويل]:

وجارة جسّاس أبأنا بنابها ... كليبا غلت ناب كليب بواؤها (٥)


(١) سورة التحريم، الآية (١).
(٢) سورة النبأ، الآية (١).
(٣) سورة الطارق، الآية (٥).
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٩٢)، ونسبه الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (ص: ١٦٩) للثعلبي.
(٥) ينظر البيت في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٢٦١)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٣٠٩)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٧٣) وهو لرجل من بني بكر؛ قبيلة جساس، يفتخر على بني تغلب: قبيلة كليب بن -

<<  <  ج: ص:  >  >>