للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشعري في بعض الأوقات يعده البعض مذهب أهل السنة والجماعة لردهم على المذاهب الأخرى وخاصة المعتزلة الذين بالغوا في تعطيل كثير من الصفات بجانب تبنيهم لآراء جديدة تتعلق بالتوحيد والقدر وموقف أهل الكبائر من المسلمين وغيرها. وقد أعجب السخاوي - رحمه الله - بآراء الأشاعرة في هذه الأمور والتزم مذهبهم وأقوالهم.

وقد صنف السخاوي - رحمه الله تعالى - بعض المصنفات في العقيدة منها: الكوكب الوقاد في الاعتقاد في أصول الدين، كما سيأتي في ذكر مصنفاته وآثاره. وظهر مذهبه العقدي واضحا في هذا التفسير؛ فأوّل صفات الله - تعالى - على النحو الذي يليق بها - من وجهة نظره - بحيث تنتفي أي شبهة أو إيهام بتشبيه صفات الله تعالى بصفات المخلوقين، كما ردّ على المعتزلة في العديد من الأمور، والمتتبع لتفسيره يرى ذلك واضحا جليّا، وقد علقنا على ذلك في الحاشية وبينا مذهب السلف الصالح من أهل السنة والجماعة في تلك الأمور.

[ثانيا - مذهبه الفقهي]

تقدم الحديث عن مكانته العلمية ومما ذكر في علومه أنه كان مهتمّا بالفقه عالما بأصوله ومفتيا ومناظرا كما قال الذهبي: «مع بصره بمذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه ومعرفته بالأصول». وذكر الإسنوي أنه «كان فقيها على مذهب الإمام الشافعي». ونقل السيوطي قول بعضهم: «كان إماما عالما مقرئا محققا مجودا بصيرا بالقراءات وعللها، إماما في النحو واللغة والتفسير، عارفا بالفقه وأصوله» ونقل ابن الجزري العلوم التي برع فيها السخاوي ثم قال: «أتقن هذه العلوم إتقانا بليغا، وليس في عصره من يلحقه فيها، وكان عالما بكثير من العلوم غير ذلك، مفتيا، أصوليّا، مناظرا». وقد كان مبدأ اشتغاله بالفقه على مذهب الإمام مالك بمصر، ثم انتقل إلى مذهب الإمام الشافعي - رحمهم الله جميعا. وقد ظهر اهتمامه بالفقه ومسائله في تفسيره من خلال إيراده للكثير من المسائل والأحكام المستنبطة من الآيات القرآنية، ومن خلال نقله لآراء العديد من الفقهاء، وذكر بعض كتب الفقه، وكان واضحا من خلال عرضه لذلك اتباعه لمذهب الشافعي - رحمه الله تعالى.

[ثالثا - مذهبه النحوي]

كان علم الدين السخاوي إماما في النحو واللغة والأدب، وهذا أمر جليّ في ضوء كتبه ومصنفاته، وحسبه كتابه (المفضل في شرح المفصل)، ويعد السخاوي من نحاة القرنين السادس والسابع الهجريين، وكان النحو في هذه الفترة قد وصل إلى مرحلة النضج، وأصبح علما متكاملا شامخ البنيان مكتمل الأركان، مما جعل دور نحاة هذه الفترة يغلب عليه الترجيح والاختيار والشرح والتحليل والتبويب والتنظيم لمصنفات السابقين وآرائهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>