للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة الجمعة [مدنية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{يُسَبِّحُ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)}

قرئت صفات الله - عز وجل - بالرفع (١) على المدح، أي: هو الملك القدوس، ولو قرئ بالنصب لجاز (٢) كقول العرب: الحمد لله أهل الحمد. {وَيُزَكِّيهِمْ} يطهرهم من الشرك، ومن قبائح أفعال الجاهلية. و {الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ} القرآن والسنة. و "إن" في قوله - تعالى -:

{وَإِنْ كانُوا} هي المخففة من الثقيلة، واللام في قوله "لفي" هي الفارقة بين النافية والمخففة.

{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} معطوف على {الْأَمِينُ}.

وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذين يجيئون من بعدهم يلحقون بهم فوضع يده على رأس سلمان وقال: "لو كان الدين في الثريا لناله رجال من هؤلاء" (٣).ويجوز (٣٠١ /أ) أن ينتصب {وَآخَرِينَ} عطفا على المضمر المنصوب في "ويعلمهم" أي: ويعلم آخرين.

شبهت اليهود في ابتداء أخذهم بالتوراة ثم لم يعملوا بما فيها بالحمار الحامل لكتب لا يدري ما فيها ولا يحس إلا بثقل الحمل، وكل من علم ولم يعمل بعلمه فالحمار مثله.

{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ (٥) قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ}


(١) قرأ بها أبو وائل وسلمة بن محارب ورؤبة.
تنظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٣١٥)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٥٢٩).
(٢) قاله الزمخشري في الكشاف للزمخشري (٤/ ٥٢٩) وزاد: كقول العرب: الحمد لله أهل الحمد.
(٣) رواه البخاري في الصحيح رقم (٤٨٩٧)، ومسلم رقم (٢٥٤٦)، وأحمد في المسند (٢/ ٤١٧)، والترمذي رقم (٣٣١٠) عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (١٩/ ٢٣٥):
"وقد ظهر ذلك بالعيان؛ فإنهم ظهر فيهم الدين، وكثر فيهم العلماء، وكان وجودهم كذلك دليلا من أدلة صدقه صلى الله عليه وسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>