للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ذلك. وقال الفراء (١): {يَغْفِرْ لَكُمْ} مجزوم بجواب قوله: {هَلْ أَدُلُّكُمْ} وهو بعيد؛ لأن "هل" حرف ليس فيه معنى الفعل، فلا جواب له وتأويله أنه دال على دلالته على الأمر بذلك (٢).

وقوله: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} تقديره: إن علمتم ذلك خير فإنكم إذا علمتم ذلك أحببتم الإيمان والجهاد أكثر مما تحبونه قبل ذلك. وفي قوله: {تُحِبُّونَها} شيء من التوبيخ على محبة العاجل.

قوله: {وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} قيل: هو فتح مكة. وقيل: بلاد فارس والروم. {كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ} والمراد: كونوا أنصارا لله كما كان الحواريون أنصار عيسى، متوجها إلى نصرة الله أو ذاهبا إليها، ولا يجوز أن يكون: من أنصاري مع الله؛ لأنه لا يطابق كلام عيسى، والحواريون أصفياء عيسى وأول من آمن به (٣).

{فَأَيَّدْنَا} مؤمنيهم على كفارهم {فَأَصْبَحُوا} غالبين.

***


(١) معاني القرآن (٣/ ١٥٤).
(٢) قال الزمخشري في الكشاف (٤/ ٥٢٧): "فإن قلت: هل لقول الفراء أنه جواب" هل أدلكم "وجه؟ قلت: وجهه: أن متعلق الدلالة هو التجارة، والتجارة مفسرة بالإيمان والجهاد، فكأنه قيل: هل تتجرون بالإيمان والجهاد يغفر لكم؟ ". وقال السمين الحلبي في الدر المصون (٦/ ٣١٢) بعد أن نقل قول الفراء:
"واختلف الناس في تصحيح هذا القول؛ فبعضهم غلطه، قال الزجاج: ليسوا إذا دلهم على ما ينفعهم يغفر لهم إذا آمنوا وجاهدوا، يعني: أنه ليس مرتبا على مجرد الاستفهام ولا على مجرد الدلالة. وقال المهدوي: إنما يصح حملا على المعنى، وهو أن يكون" تؤمنون "و" تجاهدون "عطف بيان على قوله:
" هل أدلكم "وكأن التجارة لم يدر ما هي، فبينت بالإيمان والجهاد فهي هما في المعنى، فكأنه قيل: هل تؤمنون وتجاهدون؟ قال: فإن لم يقدر هذا التقدير لم يصح؛ لأنه يصير إن دللتم يغفر لكم، والغفران إنما يجب بالقبول والإيمان لا بالدلالة".
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٥٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>