للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة النحل [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (١) يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاتَّقُونِ (٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (٣) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤) وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٥)}

وتسمّى سورة النعم، ويروى أنه لما نزل {أَتى أَمْرُ اللهِ} وثب النبي صلّى الله عليه وسلم وجماعة من الصحابة، وظنوا أن القيامة قد أتت حتى نزل قوله: {فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} فسكن ما بهم (١).

والهاء في {تَسْتَعْجِلُوهُ} تعود على الأمر، أو على اسم الله، والمعنى يختلف، فالأول تقديره:

لا تستعجلوه بالعذاب. والثاني: لا تطلبوا من الله العجلة، والهاء في {سُبْحانَهُ} في موضع جرّ؛ لأنه لو ظهر لكان مجرورا؛ لقوله: {سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى} (٢) ولو ظهر وكان مجرورا ففي تقديره قولان: أحدهما: تنزّه الله، فيكون فاعلا مرفوعا؛ لأنه عطف عليه {وَتَعالى} وهو فعل ماض. والثاني: نصب، تقديره: نزهت الله، وأصل المتنزه: المكان البعيد المنفسح. وقوله عليه السّلام: "تنزهوا من البول" (٣) أي: تباعدوا منه. و {ما} في {عَمّا يُشْرِكُونَ} مصدرية، ويستغنى بذلك عن الإضمار، فإنك إذا جعلتها موصولة كان التقدير: وتعالى عن مشابهة ما يشركونه به. سمّى الله القرآن روحا هاهنا وفي قوله: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا} (٤) (٩٨ /أ). وفي سورة غافر {ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ} (٥) لأن به حياة القلوب، كما أن بالروح حياة الجسد. {أَنْ أَنْذِرُوا}


(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ١٠٧) ونسبه لابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عليهما.
(٢) سورة القصص، الآية (٦٨).
(٣) رواه أحمد في المسند (٣٨٩، ٣٨٨، ٢/ ٣٢٦)، وابن ماجه رقم (٣٤٨)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٨٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه الشيخ الألباني في إرواء الغليل (١/ ٣١٠) رقم (٢٨٠).
(٤) سورة الشورى، الآية (٥٢).
(٥) سورة غافر، الآية (١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>