للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة الغاشية [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} (٣٣٨ /ب)

{هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (٢) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣) تَصْلى ناراً حامِيَةً (٤)}

{الْغاشِيَةِ} الداهية التي تغشى الناس بشدائدها، وتلبسهم أهوالها، يعني: القيامة، من قوله: {يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ} (١) وقيل: النار، من قوله: {وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النّارُ} (٢) {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ} (٣). {يَوْمَئِذٍ} يوم إذ غشيت. {خاشِعَةٌ:} ذليلة.

{عامِلَةٌ ناصِبَةٌ} تعمل في النار عملا تتعب فيه، وهو جرها السلاسل والأغلال، وخوضها في النار كما تخوض الإبل في الوحل، وارتقاؤها دائبة في صعود من نار وهبوطها في حدور منها. وقيل: عملت ونصبت في أعمال لا تجدي عليها في الآخرة من قوله:

{وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ} (٤) {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ} (٥) وقيل: هم أصحاب الصوامع. ومعناه: أنها خشعت لله، وعملت ونصبت في أعمالها من الصوم الدائب، والتهجد الواصب. وقرئ: عاملة ناصبة (٦) على الشتم. وقرئ: {تَصْلى} - بفتح التاء، و "تصلى" بضمها - وتصلّى بالتشديد (٧). وقيل:


(١) سورة العنكبوت، الآية (٥٥).
(٢) سورة إبراهيم، الآية (٥٠).
(٣) سورة الأعراف، الآية (٤١).
(٤) سورة الفرقان، الآية (٤٣).
(٥) سورة الكهف، الآية (١٠٤).
(٦) قرأ بها ابن محيصن وعيسى بن عمر وحميد وابن كثير في رواية عنه. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٤٦٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٥١٢)، فتح القدير للشوكاني (٥/ ٤٢٨ - ٤٢٩)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٧٤٢)، المحتسب لابن جني (٢/ ٣٥٦)، مفاتيح الغيب للرازي (٣١/ ١٥١).
(٧) قرأ أبو عمرو وعاصم في رواية شعبة عنه ويعقوب "تصلى" وقرأ أبو رجاء "تصلّى"، وقرأ الباقون "تصلى". تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٤٦٢)، تفسير القرطبي (٢٠/ ٢٨)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٦٩)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٧٥٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٥١٢)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٨١)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٧٤٢)، النشر لابن الجزري (٢/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>