للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة المرسلات [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٢) وَالنّاشِراتِ نَشْراً (٣) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (٤) فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (٥) عُذْراً أَوْ نُذْراً (٦) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (٧)}

أقسم الله - سبحانه - بطوائف الملائكة، أرسلهن بأوامره، فعصفن في مضيّهن، كما تعصف الرياح، وطوائف منهم نشرت أجنحتها في الجو عند انحطاطهن بالوحي، أو نشرت الشرائع، أو نشرت النفوس الموتى بالكفر والجهل بما أوحين، ففرقن بين الحق والباطل، فألقين ذكرا؛ عذرا للمحقين أو إنذارا للمبطلين. أو أقسم برياح عذاب أرسلهن فعصفن، فنشرت السحاب في الجو، ففرقن بينه؛ لقوله: {وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً} (١).

أو بسحاب نشرن الموات، ففرقن بين من يشكر أو يكفر، فألقين ذكرا إما عذرا للمحقين وإما إنذارا للذين أغفلوا الشكر، وينسبون ذلك إلى الأنواء، وجعلن ملقيات للذكر لكونهن سببا في حصوله. وقوله: {عُرْفاً} أي: متتابعة كشعر العرف، يقال: جاءوا عرفا واحدا، أو يكون بمعنى العرف الذي هو نقيض النكر. وانتصابه على أنه مفعول له أي: أرسلن للإحسان، والأول على الحال، وإنما جعل إرسال الملائكة إحسانا ومعروفا لكونه إحسانا للأنبياء وللمؤمنين الذين بين ظهرانيهم والعذر والنذر: مصدران ويجوز أن يكون عذرا جمع عذير كالنذر في جمع نذير، أو بمعنى العاذر والمنذر وانتصابهما على البدل من "ذكرا" أو على المفعول له، أو على الحال.

إن الذي توعدونه من مجيء يوم القيامة لكائن واقع لا ريب فيه. وعن بعضهم: أنه مجرور بإضمار رب.

{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ}


(١) سورة الروم، الآية (٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>