للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة مريم عليها السلام [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيّا (٢) إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (٣) قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦)}

{عَبْدَهُ} مفعول ب‍ {رَحْمَتِ} {زَكَرِيّا} بدل {نِداءً خَفِيًّا} أخفاه لبعده عن الرياء، أو أخفاه من بني عمه الذين خافهم، أو خاف أن يلام على طلب الولد مع الشيخوخة {وَهَنَ} الوهن: الضعف. وقيل: هو أشد الضعف، واحتجوا بقوله - تعالى: {فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا} (١) والمعطوف غير المعطوف عليه. {الرَّأْسُ} ولم يقل: رأسي اكتفاء بفهم المخاطب، إرادة للإضافة. وعند الكوفيين: الألف واللام قامت مقام الإضافة (٢). {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ} من عادة المحسن أن يبقى له إدلال على من أحسن إليه، وقد عكس زكريا ذلك وجعل تكرار إحسان الله إليه سببا في إدلاله وتكرار سؤاله فقال:

{وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} وحكي أن رجلا قصد رجلا فقال القاصد: أنا الذي أحسنت إليّ يوم كذا وكذا فقال: مرحبا بمن توسل بنا إلينا (٣).

{الْمَوالِيَ} بنو العم، وخاف تضييعهم للتوراة ولأحكام شريعتهم بعد موت زكريا فسأل ربه ولدا صالحا يخلفه من بعده في رعاية الإسلام. العاقر: هي الرملة التي لا تنبت فشبهت المرأة التي لا تحمل بها. {وَلِيًّا} فعيل إما بمعنى مفعول، أي: تتولاه أنت أو بمعنى فاعل أي: يتولى الله. {يَرِثُنِي} بالجزم جوابا للأمر، وبالرفع (٤) على الصفة ل‍ {وَلِيًّا}،


(١) سورة آل عمران، الآية (١٤٦).
(٢) أجاز الكوفيون وبعض البصريين وكثير من المتأخرين نيابة "أل" عن الضمير المضاف إليه.
تنظر المسألة في: اللباب في علل البناء والإعراب للعكبري (١/ ٤٩٥)، مغني اللبيب لابن هشام (١/ ١٠٠).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٤).
(٤) قرأ أبو عمرو والكسائي يَرِثُنِي بالجزم، وقرأ الباقون يَرِثُنِي بالرفع.
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ١٧٣)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤/ ٤٩٢)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٠٧)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>