للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الشعراء [مكية، وفيها مدني]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (٤)}

بتفخيم الألف وإمالتها وإظهار النون وإدغامها {آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ} الظاهر إعجازه والمراد به السورة أو القرآن. {باخِعٌ} قاتل بقطع البخاع، وهو عرق مستبطن للقفا.

و"لعل" للإشفاق، يعني: أشفق على نفسك، ولا تقتلها غمّا بسبب تأخرهم عن الإيمان.

وقرئ {باخِعٌ نَفْسَكَ} (١).

{نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً} أراد آية ملجئة إلى الإيمان؛ كنتق الجبل فوق رؤوسهم كالظلة.

{فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ} معطوف على الجزاء؛ لأنه لو قيل: أنزلنا. لكن صحيحا ونظيره:

{فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ} (٢) كأنه قيل: أصدق. وقرئ (فتظلّ أعناقهم) (٣).

فإن قيل: ما وجه {خاضِعِينَ} بجمع السلامة والأعناق لا تعقل؟ قلنا: الأصل فظلّ أصحاب الأعناق كقولك: ذهبت أهل اليمامة، كأن الأهل غير مذكور.

وقيل: إنما خصّ الأعناق؛ لأنها محلّ الخضوع. وقيل: أعناق الناس رؤساؤهم، كما قيل لهم: الرؤوس والنواصي والصدور، قال الشاعر [من البسيط]:

في محفل من نواصي النّاس مشهود (٤) ...

وقيل: جماعة من الناس، تقول: أتانا عنق، أي: جماعة. وعن ابن عباس: نزلت هذه


(١) قرأ قتادة وزيد بن علي "باخع نفسك" على الإضافة، وقراءة الجمهور "باخع نفسك".
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤/ ٤٣٤)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٩٣)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٩٨).
(٢) سورة المنافقون، الآية (١٠).
(٣) قرأ بها طلحة. تنظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٦٧)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٩٩).
(٤) هذا عجز بيت لأم قيس الضبية، وصدره:
ومشهد قد كفيت الناطقين به ... ينظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٦٧)، روح المعاني للألوسي (١٢/ ١٣٨)، الفائق للزمخشري (٣/ ٤٣٤)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>