للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة حم عسق (الشورى) [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{حم (١) عسق (٢) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥)}

{حم} {عسق كَذلِكَ} أي: مثل ذلك الوحي أو مثل ذلك الكتاب {يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} يعني أن ما تضمنته هذه السورة من المعاني قد أوحى الله إليك مثله فيما سبق في غيرها من السور، وأوحاه من قبلك إلى رسوله، على معنى أن الله عز وجل كرر هذه المعاني في القرآن وفي جميع الكتب السماوية؛ لما فيها من التنبيه البليغ واللطف العظيم بعباده من الأولين والآخرين. ولم يقل: أوحى إليك، ولكن على لفظ المضارع؛ ليدل على أن إيحاء مثل عادته. وقرئ "يوحى إليك" (١) على البناء للمفعول.

فإن قلت: فما رافع اسم الله عز وجل على هذه القراءة؟ قلت: ما دل عليه "يوحى" كأن قائلا قال: من الموحي؟ قال: {اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ؛} كقراءة السلمي: "وكذلك زيّن لكثير مّن المشركين قتل أولدهم شركآؤهم" (٢) كأن قائلا قال: من زينه؟

قال: شركاؤهم. فإن قلت: ومن قرأ: "نوحي" بالنون (٣). قلت: يرتفع بالابتداء.

و {الْعَزِيزُ} وما بعده أخبار، و {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} صفتان، والظرف خبر.


(١) قرأ بها ابن كثير، وقرأ بقية العشرة "يوحي". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٥٠٨)، تفسير القرطبي (١٦/ ٣)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣١٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٧٣)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٨٠)، فتح القدير للشوكاني (٣/ ٥٢٦)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٥٩)، معاني القرآن للفراء (٣/ ٢١)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٦٧).
(٢) سورة الأنعام، الآية (١٣٧) وهذه قراءة ابن عامر أيضا، وقراءة الباقين: (زيّن لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم). تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ٢٣١)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ١٨٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٢٧٠)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٠٨).
(٣) قرأ بها أبو حيوة والأعمش وأبان. تنظر: المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>