للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدليل قوله: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ} (١). {هذا لِي} أي: حقي وصل إليّ. وقيل: للكافر أمنيتان يقول في الدنيا: {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى} ويقول في الآخرة: {يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً} (٢) {فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ} استعير العرض أيضا للكبر؛ كما في قوله: {عَذابٍ غَلِيظٍ} (٣) وقرئ "ناء" (٤) على القلب من نأى.

قوله: (٢٤٣ /ب) {وَنَأى بِجانِبِهِ} فيه وجهان: أحدهما: أن يراد بالجانب ذاته ونفسه كما جاء: {عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} (٥). وفي المكاتبات بخدم الحضرة أو المجلس والمراد الذات. والوجه الثاني: أن يراد ازوراره وميله؛ كما قالوا: ثنى عطفه وتولى بركنه.

وقوله: {فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ} قائم مقام قوله: منكم.

{سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (٥٤)}

{سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ} هو ما فتح الله وسيفتح على المسلمين وخلفائهم من الأقطار المتباعدة والأقاليم المختلفة من بلاد المشرق والمغرب عموما وفي بلاد العرب خصوصا التي لم يتيسر أمثالها لأحد من الخلفاء قبلهم من استيلائهم على ملوك فارس والروم وغيرهم من الملوك.

قوله: {بِرَبِّكَ} فاعل {أَوَلَمْ يَكْفِ}. وهو يطلع على حقائق الأمور فيأتي بها على ما يريد. {مُحِيطٌ} أي: عالم بجمل الأشياء وتفصيلها، وهو مجازيهم في لقاء ربهم.

***


(١) سورة يوسف، الآية (٨٧).
(٢) سورة النبأ، الآية (٤٠).
(٣) سورة هود، الآية (٥٨).
(٤) قرأ أبو جعفر وابن ذكوان "وناء" وقرأ الباقون "ونأى". تنظر القراءات في: الحجة لابن خالويه (ص: ٢٢٠)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦٣٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥٧٧)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٥٧)، النشر لابن الجزري (٢/ ٤٣ - ٤٤).
(٥) سورة الزمر، الآية (٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>