للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة حم السجدة (فصلت) [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤) وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (٥)}

إن جعلت {حم} اسما للسورة كانت مبتدأ، و {تَنْزِيلٌ} خبره، وإن جعلتها تعديدا للحروف كان" تنزيل "خبرا لمبتدأ محذوف. {كِتابٌ} بدل من" تنزيل "أو خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف، وجوز الزجاج (١) أن يكون {تَنْزِيلٌ} مبتدأ و {كِتابٌ} خبره ووجهه أن" تنزيلا "تخصص بالصفة فجاز الابتداء به؛ كقوله {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} (٢) {فُصِّلَتْ آياتُهُ} ميزت وجعلت فصولا وأنواعا مختلفة من وعد ووعيد وأحكام ومواعظ وقصص وأمثال وغير ذلك. {قُرْآناً عَرَبِيًّا} نصب على الاختصاص والمدح، أي: أريد بهذا الكتاب المفصل قرآنا من صفته كيت وكيت. وقيل: هو نصب على الحال، أي: فصلت في حال كونه عربيا. {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} عربيا نزل بلغتهم، وتعلق قوله: {يَعْلَمُونَ} إما ب‍" فصلت "أو ب‍" تنزيل "والأجود أن يكون صفة مثل ما قبله وما بعده. وقرئ" بشير ونذير "بالرفع (٣) صفة للكتاب أو خبر مبتدأ محذوف.

{فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ} أي: لا يفهمون. تقول: شفعت عند فلان فلم يسمع قولي وقد سمعه لكنه لم يقبله. {أَكِنَّةٍ} جمع كنان وهو الغطاء، والوقر: بالفتح الثقل في الأذن، والوقر بكسر الواو: الحمل (٤) {فَالْحامِلاتِ وِقْراً} (٥) وبعده تمثيلات لنبوّ قلوبهم عن فهمه


(١) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٤/ ٣٧٩).
(٢) سورة البقرة، الآية (٢٢١).
(٣) قرأ بها زيد بن علي. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٤٨٤)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٥٦)، الكشاف للزمخشري (٤/ ١٨٥).
(٤) قرأ طلحة بن مصرف" وقرا "بالكسر وقراءة العامة" وقرا "بالفتح. الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٥٦)، الكشاف للزمخشري (٤/ ١٨٥).
(٥) سورة الذاريات، الآية (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>