للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة المطففين [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢)}

التطفيف: البخس في الكيل والوزن؛ لأن ما يبخس شيء طفيف حقير. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وكانوا من أخسر الناس كيلا، فنزلت فأحسنوا الكيل (١). وقيل: قدم وفيها رجل يعرف بأبي جهينة ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر (٢). وقيل: كان أهل المدينة تجارا يطففون وكان من بياعاتهم المنابذة (٣) والملامسة (٤) والمخاضرة (٥) فنزلت، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ عليهم وقال:" خمس بخمس، قيل: يا رسول الله وما خمس بخمس. قال: ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت، ولا ظففوا المكيال إلا منعوا النبات، وأخذوا بالسنين، ولا منعوا الزكاة (٣٣٣ /ب) إلا حبس عنهم القطر " (٦).

وروي: أن عليّا مر برجل يزن زعفرانا فأرجح فقال له:" أقم الوزن بالقسط، ثم زد بعد ذلك ما شئت " (٧).أمره أولا بالمساواة؛ ليعتاد ذلك أو ليفصل الواجب من النفل.


(١) رواه النسائي في تفسيره (٢/ ٥٠٠) رقم (٦٧٢)، وابن ماجه رقم (٢٢٢٣)، وابن حبان في صحيحه رقم (٤٩١٩)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٣٣) والواحدي في أسباب النزول (ص: ٤٧٤)، رقم (٨٤٨).
(٢) رواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٣٨)، وابن حبان في صحيحه رقم (٧١٥٦) عن أبي هريرة قال:" قدمت المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر، ورجل من بني غفار يؤمهم في الصبح فقرأ في الأولى كهيعص وفي الثانية ويل للمطففين، وكان عندنا رجل له مكيالان مكيال كبير ومكيال صغير يعطي بهذا ويأخذ بهذا فقلت: ويل لفلان ".
(٣) المنابذة: أن ينبذ الرجل ثوبه، وينبذ الآخر ثوبه، ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا فحص ولا تقليب.
(٤) الملامسة: لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو النهار ولا يقلبه. وقد ثبت في صحيح البخاري رقم (٢٠٠٢)، ومسلم رقم (٢٧٨٠) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة ".
(٥) المخاضرة: مفاعلة من الخضرة والمراد بيع الثمار والحبوب قبل أن يبدو صلاحها. فتح الباري (٤/ ٤٠٤)
(٦) نسبه السيوطي في الجامع الصغير رقم (٥٥٥١) للطبراني، عن ابن عباس رضي الله عنهما. وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع رقم (٣٢٤٠)
(٧) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٧١٨) عن علي، ورواه الطبري في تفسيره (٢٧/ ١١٨)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٧/ ٦٩٢) عن ابن عباس رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>