للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣)}

والضمير في {كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ} منصوب راجع إلى الناس. وفيه وجهان: أن يراد كالوا لهم، أو وزنوا لهم، فحذف الجار وأوصل الفعل كما قال [من الكامل]:

ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ... ولقد نهيتك عن بنات الأوبر (١)

بمعنى: جنيت لك. أو يكون على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، والمضاف هو المكيل والموزون. ولا يصح أن يكون ضميرا مرفوعا راجعا للمطففين؛ لأن الكلام يخرج به إلى نظم فاسد، والمعنى: إذا أخذوا من الناس استوفوا وإذا تولوا الكيل والوزن هم على الخصوص أخسروا، وهو كلام متنافر؛ لأن الحديث واقع في الفعل لا في المباشر، والتعلق في إبطاله بخط المصحف؛ لأن الواو التي تكتب بعد واو الجماعة غير ثابتة فيه ركيك؛ لأن خط المصحف لم تراع في كثير منه حد المصطلح عليه في علم الخط. قال الزمخشري (٢): على أني رأيت في الكتب المخطوطة بأيدي الأئمة المتقنين هذه الألف مرفوضة لكونها غير ثابتة في اللفظ والخط جميعا؛ لأن الواو وحدها معطية معنى الجمع، وإنما كتبت هذه الألف؛ تفرقة بين واو الجمع وغيرها في نحو قولك:" هم لم يدعوا ولم يدعو "فمن لم يثبتها قال: المعنى كاف في التفرقة بينهما ووقف عيسى بن عمر (٣) على الواوين وقفة يسيرة؛ ليفرق بينهما وبين ما لا يستحق الألف فإن قلت: هلا قيل: أو اتزنوا، كما قيل: أو وزنوهم؟ قلت: كان المطففون لا يأخذون ما يكال ويوزن إلا بالمكاييل دون الموازين؛ لتمكنهم بالاكتيال من الاستيفاء والسرقة؛ لأنهم يحتالون، وإذا أعطوا كالوا ووزنوا لتمكنهم من البخس في النوعين جميعا (٤).

{يُخْسِرُونَ} ينقصون. يقال: خسر الميزان وأخسره.

{أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦) كَلاّ إِنَّ كِتابَ}


(١) ينظر البيت في: الإنصاف لابن الأنباري (١/ ٢٩٧)، جمهرة اللغة (ص: ٣٣١)، الخصائص لابن جني (٣/ ٥٨)، شرح التصريح (١/ ١٥١)، شرح شواهد المغني (١/ ١٦٦)، لسان العرب (جوت، حجر)، المغني لابن هشام (١/ ٥٢)، المقاصد النحوية (١/ ٤٩٨)، المقتضب للمبرد (٤/ ٤٨).
(٢) ينظر: الكشاف (٤/ ٧٢٠).
(٣) في الكشاف (٤/ ٧٢٠) عيسى بن عمر وحمزة.
(٤) ينظر: السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>