للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تفسير سورة قريش [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (٣)}

قوله: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} متعلق بقوله: {فَلْيَعْبُدُوا} أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين، ودخلت الفاء في قوله: {فَلْيَعْبُدُوا} لما في الكلام من معنى الشرط.

المعنى: أن نعم الله عليهم كثيرة جدّا، فلا يحصونها، فإذا لم يعبدوه لنعم كثيرة، فليعبدوه لأجل هذه النعمة. وقيل: المعنى: اعجبوا لإيلاف قريش.

وقيل: هو متعلق بما قبله، بقوله: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (١) وهذا بمنزلة التضمين في الشعر، وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعليقا لا يصح إلا به، وهما في مصحف أبيّ سورة واحدة. وروي: أن عمر قرأهما في الركعة الثانية من صلاة المغرب وقرأ في الأولى بالتين والزيتون (٢). والمعنى: إنه أهلك الحبشة الذين قصدوا هدم كعبتهم حتى انتظم لهم الأمر في رحلتيهم، وكانت قريش يرحلون في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشام، فيمتارون ويتجرون؛ لأن مكة واد غير ذي زرع، كان أهل مكة آمنين في رحلتيهم لا يعارضهم أحد {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} (٣). و {قُرَيْشٍ} ولد النضر بن كنانة سموا باسم القرش، وهي دابة عظيمة من البحر تعبث بالسفن. وعن ابن عباس: أنه سئل: لم سميت قريش؟ قال: بدابة في البحر تأكل، ولا تؤكل، وتعلو، ولا تعلى وأنشد [من الخفيف]:

وقريش هي التي تسكن البحر ... بها سميت قريش قريشا

تأكل الغثّ والسمين ولا ... تترك فيه لذي المخالب ريشا


(١) سورة الفيل، الآية (٥).
(٢) نسبه السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٥٥٦) لعبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن عمرو بن ميمون قال: صليت خلف عمر بن الخطاب المغرب ... "فذكره.
(٣) سورة العنكبوت، الآية (٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>