للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة الأنعام [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢) وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ (٣) وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٥) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (٦) وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (٩) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠)}

قوله: {وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ} يدل على أن الظلمات مخلوقة، خلافا لمن زعم أن الظلمة عدم النور؛ فإن الظلمة لا تفتقر إلى سبب سوى منع أسباب النور (١).

{ثُمَّ قَضى أَجَلاً} مدة العمر. {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} مدة بقاء الدنيا. {تَمْتَرُونَ} تشكون قيل: {فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ} متعلقة ب‍ «يعلم» أي: ليعلم سركم وجهركم في السماوات والأرض. وقيل: قوله: {وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ} أي: أمره وسلطانه، كقوله:

{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ} (٢).


(١) ينظر: التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (١/ ٤٩٢).
(٢) سورة الملك، الآية (١٦) وعقيدة السلف الصالح من أصحاب النبي ومن تبعهم بإحسان من الأئمة الأربعة وغيرهم في مثل هذه الآية هي: إمرار الصفات الذاتية التي وصف الله - تعالى - بها نفسه أو وصفه بها نبيه صلّى الله عليه وسلم في أحاديثه الثابتة الصحيحة - من غير تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تكييف، وفي إطار قوله - تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: ١١]، وقد دل على صفة الفوقية لله - تعالى - وأنه تعالى فوق السماء السابعة على عرشه وهو بائن من خلقه وقدرته وعلمه في كل مكان - العديد من الآيات القرآنية الكريمة منها هذه الآية، كما ثبت في السنة الصحيحة ذلك ومنه ما رواه مسلم في صحيحه -

<<  <  ج: ص:  >  >>