للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة المعارج [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (١) لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (٢) مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ (٣) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤) فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (٥)}

ضمن {سَأَلَ} معنى دعا؛ فعدي تعديته؛ كأنه قال: دعا داع {بِعَذابٍ} تقول: دعا بكذا؛ أي: استدعاه؛ ومنه قوله: {يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ} (١) وقيل: هو النضر بن الحارث؛ حيث قال: {اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} الآية (٢). وقيل: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم استعجل بعذاب الكافرين، وقرئ: "سال سائل" بغير همزة (٣) على وجهين أحدهما: أن يكون مخففا من "سأل" والثاني: أنه إخبار بأن واديا من أودية جهنم - أعاذنا الله منها بكرمه - فتح، فسال منه صديد أهل النار؛ فسال بالعذاب، والسيل في معنى السائل؛ كالغور في معنى الغائر، وسأل سائل عن عذاب الله بمن ينزل، ومتى (٣١٢ /أ) يقع؟ فنزلت. عنى واهتم.

فإن قلت: بم يتصل قوله: {مِنَ اللهِ؟} قلت: متصل ب‍ "واقع" أي: واقع من عنده، أو ب‍ "دافع" أي: ليس له دافع من جهته إذا جاء. و {الْمَعارِجِ} المصاعد، ثم وصف المصاعد وبعد مداها بقوله: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} إلى عرشه، وحيث تهبط منه أوامره {فِي يَوْمٍ} مضى ذكره في سورة السجدة (٤)، و {وَالرُّوحُ} جبريل. وقيل: خلق من خلق الله ليسوا بإنس ولا جن ولا ملائكة، وهم أكثر من الجميع {وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ} (٥) و "الروح" حفظة على الملائكة كما أن الملائكة حفظة على بني آدم. وتعلق قوله: {فَاصْبِرْ}


(١) سورة الجاثية، الآية (٥٥).
(٢) سورة الأنفال، الآية (٣٢).
(٣) قرأ به بغير همز "سال" نافع وابن عامر وأبو جعفر. وقرأ الباقون: "سأل" بالهمز.
وتنظر القراءتان في: إتحاف فضلاء البشر للبنا (٢/ ٥٦٠)، الإملاء للعكبري (٢/ ٢٦٨)، البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٣٣٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٣٧٢)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٥٠).
(٤) عند تفسير الآية (٥).
(٥) سورة المدثر، الآية (٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>