للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة لم يكن [البينة] [مدنية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (٢) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣) وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)}

كان المشركون من أهل الكتاب، وعبدة الأوثان يقولون قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم: لا ننفك عن ديننا حتى مبعث النبي الموعود بذكره في التوراة والإنجيل. فحكى الله ما كانوا يقولونه ثم قال: {وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ} يعني أنهم كانوا يعدون اجتماع الكلمة على الحق، وأنه متى بعث النبي صدقوه وآمنوا به، و {رَسُولٌ} بدل من البينة، و {الْبَيِّنَةُ} الحجة. {صُحُفاً} قراطيس مطهرة من الباطل.

{فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} مكتوبات قيمة بمصالح العباد في الدنيا والآخرة. فإن قلت: لم جمع أهل الكتاب والمشركين أولا، ثم قال: {وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ،} فأفردهم؟

قلت: أهل الكتاب كانوا عالمين بأن النبي المبعوث آخر الزمان آت لا محالة، فإذا وصفوا بالتفرق عنه كان من لا كتاب له أدخل في هذا الوصف.

{وَما أُمِرُوا} في التوراة والإنجيل إلا بالدين الحنيفي، ولكنهم حرفوا وبدلوا.

{وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} أي: دين الله القيمة، ومعنى {إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ} أي: وما أمروا بالعبادة والطاعة إلا ليعبدوا الله. {الْبَرِيَّةِ} بالتشديد من غير همز (١). قيل: لأنهم خلقوا من


(١) قرأ نافع وابن عامر من رواية ابن ذكوان: "شر البريئة" و "خير البريئة" مهموزتين، وقرأ الباقون "البرية" بلا همز مع تشديد اليائين. تنظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٥٥٢)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٩٣)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٧٨٢ - ٧٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>