للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة الحشر [مدنية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{سَبَّحَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (٢)}

صالح رسول الله بني النضير على ألا يكونوا عليه ولا له، فلما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر قالوا: هو النبي المذكور في التوراة فلا ترد له راية، فلما انهزم المسلمون يوم أحد شكوا وارتابوا فخرج كعب بن الأشرف وهو كبير اليهود فحالف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة الأنصاري أن يقتل كعبا فقتله، وكان محمد بن مسلمة أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم على حمار خطامه من ليف، فأمرهم أن يخرجوا من البلاد، فقالوا: الموت أهون من ذلك، فاستمهلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أيام فأمهلهم، ثم تنادوا بالحرب فدس المنافقون من يقول لليهود: إن أمركم محمد بالخروج من البلاد فلا تفعلوا، فإنا معكم ننصركم ونعينكم عليه، ولئن خرجتم لنخرجن معكم، فدربوا على الأزقة وحصنوها فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، فلما قذف الله الرعب في قلوبهم وأيسوا من نصر (٢٩٥ /أ) المنافقين لهم طلبوا الصلح فأبى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يخرجوا من البلاد، وهو الجلاء، على أن يحمل كل ثلاثة أبيات ما يحمل جمل، فجلوا من البلاد إلى أذرعات وأريحا من أرض الشام إلا بيتين وهما لأبي الحقيق وحيي بن أخطب؛ فإنهم لحقوا بخيبر، ولحقت طائفة من اليهود بالحيرة (١).

واللام التي في قوله: {لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} لام التأريخ (٢) كما في قوله: {يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ}


(١) ذكره بهذا السياق الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٩٨)، وذكر نحوه السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٩٣) ونسبه لعبد الرزاق وعبد بن حميد، وأبو داود وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) هكذا سماها الفيروز أبادي في القاموس المحيط (١/ ١٤٩٧) فقال: بمعنى عند "كتبته لخمس خلون"، وتسمى لام التاريخ، وسماها السمين الحلبي في الدر المصون (٦/ ٢٩٢) لام التوقيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>