للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢)}

كما قال: {اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ} استولى عليهم واحتوى؛ من حاذ الحمار العانة (١) إذا جمعها، أي: ملكهم الشيطان حتى جعلهم رعيته وحزبه. {فَأَنْساهُمْ} أن يذكروا الله لا بقلوبهم ولا بألسنتهم. قال أبو عبيدة: حزب الشيطان جنده (٢).

{فِي الْأَذَلِّينَ} في جملة من هو أذل خلق الله لا ترى أحدا أذل منهم (٢٩٤ /ب) {كَتَبَ اللهُ} في اللوح المحفوظ {لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} بالحجة والسيف، أو بأحدهما. {لا تَجِدُ قَوْماً} من باب التخييل؛ أي: نبه أن من الممتنع أن تجد قوما مؤمنين يوالون المشركين والغرض أن ذلك لا ينبغي أن يقع؛ ولأن العهد بذلك لا يستقيم، وزاد ذلك توكيدا بقوله:

{وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ} وجعلهم حزب الشيطان، وقابله بقوله: {أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ} فلا شيء أدخل في الإخلاص من موالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه. {كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ} أثبت فيها. {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} بنور قذفه في قلوبهم، ويجوز أن يكون الضمير للإيمان.

{بِرُوحٍ مِنْهُ} أي: من الإيمان؛ على أن الإيمان نفسه روح؛ إذ به تحيا القلوب كما تحيا الأبدان بالأرواح. قيل: كانوا يرون أنها نزلت فيمن يصحب السلطان.

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول:" اللهم لا تجعل لفاسق ولا لفاجر عندي نعمة؛ فإني وجدت فيما أوحيت إلي: {لا تَجِدُ قَوْماً} (٣). وروي أنها نزلت في أبي بكر وذلك أن أباه أبا قحافة سب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصكه صكة سقط منها؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو فعلته؟ فقال: نعم. قال: فلا تعد؛ فقال: والله لو كان السيف قريبا مني لقتلته" (٤).


(١) العانة: القطيع من حمر الوحش. ينظر: لسان العرب (عون).
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٩٦).
(٣) ذكره الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب (١/ ٤٩٣) عن معاذ بن جبل، بلفظ: "اللهم لا تجعل لفاجر عندي نعمة أكافئه بها في الدنيا والآخرة".،وذكره بهذا اللفظ الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٩٧) ونسبه الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار (٣/ ٤٣٢) لابن مردويه في تفسيره.
(٤) ذكره الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار (٣/ ٤٣٣) وقال: غريب. ونقله الثعلبي عن ابن جريج قال: حدثت أن أبا قحافة إلى آخره. وزاد: فأنزل الله: لا تَجِدُ قَوْماً الآية. وكذلك ذكره الواحدي في أسباب النزول نحوه سواء. وذكره أبو جعفر الطبري في الرياض النضرة (٢/ ١٠٢) ونسبه للواحدي وأبي الفرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>