للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: من اليهود؛ كقوله: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ} الآية (١) {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ} أي: يقولون:

والله إنا لمسلمون {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أن المحلوف عليه كذب. وكان ابن نبتل يكثر مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم وينقل أخباره إلى اليهود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدخل عليكم إنسان وجهه وجه إنسان وقلبه قلب جبار، وينظر نظر شيطان، فدخل ابن نبتل؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فحلف بالله العظيم أنه لم يكن ذلك، فنزلت {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (٢).

{عَذاباً شَدِيداً} نوعا من العذاب شديدا؛ نكره تعظيما له. {ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} بمعنى:

أنهم كانوا في الزمن الماضي على هذه الحال، أو هي حكاية ما يقال في الآخرة. {أَيْمانَهُمْ} وقرئ بكسر الهمزة (٣). جنّة أي: وقاية. {فَصَدُّوا} فأعرضوا أي: صدوا الناس عن الدخول في الإيمان. {مِنَ اللهِ} من عذاب الله. {شَيْئاً} قليلا من الإغناء، روي أن رجلا منهم قال:

لننصرن يوم القيامة بأنفسنا وأموالنا وأولادنا. {فَيَحْلِفُونَ لَهُ} أي: لله سبحانه على أنهم مسلمون. {كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ} في الدنيا. {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ} من النفع، وليس العجب من حلفهم في الدنيا؛ فإنها محل المغالبة والإنكار، والحلف الكاذب والانتفاع بالكذب، ولكن العجب من حلفهم لله عالم الغيب والشهادة، الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض.

{أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ} هو حكاية عن استمرارهم على الضلالة، حتى اتصل ذلك بالآخرة.

{اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٩) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠) كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١)}


(١) سورة النساء، الآية (١٤٣).
(٢) رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين (٢/ ٥٢٤) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
(٣) قرأ بها الحسن. تنظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>