للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير سورة الزخرف [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣)}

أقسم بالكتاب المبين وهو القرآن، وجعل قوله: {إِنّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا} جوابا للقسم وهو من الأيمان البديعة؛ لتناسب القسم والمقسم عليه، وهو كقول أبي تمام [من الخفيف]:

وثناياك إنها إغريض ... ... (١)

{جَعَلْناهُ} وصفناه؛ كقوله: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ} (٢) {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} (٣)

{قُرْآناً عَرَبِيًّا} حال. و (لعل) مستعارة لمعاملتهم معاملة من يريد منهم الإيمان.

{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤) أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (٥) وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٧) فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١١) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ (١٢)}

والمراد ب‍ {أُمِّ الْكِتابِ} اللوح المحفوظ، سمي أم الكتاب؛ لأنه الأصل الذي كتب منه كل شيء. {حَكِيمٌ} ذو حكم بالغة، والفاء عطفت على محذوف تقديره: أنمهلكم


(١) هذا صدر بيت وعجزه:
ولآل قوم وفرق وميس. ينظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٩٠)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٣٦) قال ابن منظور في لسان العرب (غرض): "الإغريض: كل أبيض مثل اللبن وما ينشق عنه الطلع". والميس: التبختر والتمايل والتثني في المشي. اللسان (ميس).
(٢) سورة الزخرف، الآية (١٩).
(٣) سورة الحجر، الآية (٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>