للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة العنكبوت [مكية]]

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}

{الم (١) أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (٣) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٤) مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥) وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٧) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨)}

الحسبان: لا يجوز أن يتعلق بالمفردات لكن يتعلق بمضامين الجمل، والجملة هاهنا هي قوله: {أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ}. وليس الأمر كما حسبوه (١٧٥ /أ) بل لا بد من الامتحان بالأمر والنهي والوعد والوعيد. قوله: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ} بالامتحان {الَّذِينَ صَدَقُوا} في الإيمان. {وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ} فيه. فإن قلت: كيف وهو عالم بذلك فيما لم يزل؟ قلت: لم يزل يعلمه معدوما ولا يعلمه موجودا إلا إذا وجد، والمعنى: وليتميزنّ الصادق منهم من الكاذب. وقيل: ليرى. وقيل: ليعلم العلم الذي يتعلق به الثواب والعقاب، وأنه تعالى لا يثيب ولا يعاقب إلا على ما وجد.

وقرئ {فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ} (١) أي: ليطلعن المؤمنين على بواطنهم بعلامة يعرفون بها من بياض وجوه المؤمنين، وسواد وجوه الكافرين، وزرقة عيونهم. {أَنْ يَسْبِقُونا} أن يفوتونا، وهم لم يعتقدوا أنهم يعجزون الله، لكن فعلهم فعل من يظن ذلك، ومنه: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ} (٢) {لِقاءَ اللهِ} مثل للوصول إلى العاقبة من تلقي ملك الموت وابتداء الشروع في المجازاة. {يَرْجُوا} يؤمل أو يخاف. {فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ} وهو الموت {لَآتٍ} لا محالة.


(١) قرأ بها علي بن أبي طالب وجعفر، وقراءة الجمهور "وليعلمن".
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ١٤٠)، الكشاف للزمخشري (٣/ ١٩٦)، مجمع البيان للطبرسي (٨/ ٢٧١)، المحتسب لابن جني (٢/ ١٥٩).
(٢) سورة الأنفال، الآية (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>