للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{نَفْسَكَ} قاتلها {أَسَفاً} مفعول من أجله {إِنّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ} من الناس والنبات والأنهار والثمار. {أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} أكثر توقيا للحرام أو أكثرهم ذكرا للموت واستعدادا له. {صَعِيداً جُرُزاً} قد استهلك ما عليه من النبات بالأكل والرعي والجفاف. ولما سأل الكفار رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن قصة فتية ذهبوا فلم يعرف لهم خبر، وتوهموا أن تلك القصة من أعجب ما يكون وأغربه، فأنكر الله ذلك بقوله: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً} (١). والرقيم: جانب الوادي. وقيل: هو لوح رقمت فيه قصتهم، وجعلت علي باب الغار حين غلب المؤمنون على أمرهم واتخذوا عليهم مسجدا.

{فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (١١) ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (١٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً (١٣) وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً (١٤) هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً (١٥) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً (١٦) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (١٧)}

{فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ} حجبوا عن الإدراك بالحواس فهم مشبهون بمن ضرب على حواسّه بشيء يمنعها من الإحساس. كان أهل الكتاب قد تنازعوا في مدة لبثهم، وفي عددهم، فأخبر الله نبيه عليه السّلام بحقيقة الأمر. {وَزِدْناهُمْ هُدىً} كما قال - تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً} (٢).

{وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ} ثبتنا قلوبهم حتى اجتهدوا في كتمان أمرهم، استعار لهم الربط حتى لا ينفلت منهم ما يدل على حالهم. اعترفوا بأن خالقهم خالق السماوات والأرض؛ لأن أحدا لا يدعي في (١٠٦ /ب) خلقهما مشاركة {قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي}


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٥/ ١٩١)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٣٥٧) لابن إسحاق وابن المنذر وأبي نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن عباس - رضي الله عنهما.
(٢) سورة الأنفال، الآية (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>