ثم أفاق وجبريل يسنده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" سبحان الله، ما كنت أظن أن خلقا يكون كذا، فقال له جبريل: لو رأيت إسرافيل!! فإن أحد جناحيه بالمشرق والآخر بالمغرب والعرش على كاهله وإنه ليتضاءل من عظمة الله حتى يصير كالوصع؛ وهو العصفور الصغير "(١).
وقيل في قوله:{يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ} إنه الصوت الحسن والوجه الحسن والشعر الحسن. وقيل: الخط الحسن، والآية أعمّ؛ فإنها تتناول كل زيادة من اعتدال وطول وتمام أعضاء وقوة بطش وحصانة العقل وجزالة الرأي وسماحة النفس وذلاقة اللسان ولباقة المتكلم.
وحسن بأن استعير الفتح للإطلاق والإرسال، والمعنى: فلا فاتح له، أي: ما يفتح الله من رحمة (٢٠٦ /ب) أي: من نعمة أو رزق أو مطر أو غير ذلك من أصناف أنعامه لا يقدر على حصرها إلا هو، وتنكير {رَحْمَةٍ} للإشاعة والإبهام؛ كأنه قال: من أي رحمة كانت من سماوية أو أرضية فلا يقدر أحد على حبسها، وأي شيء يمسك الله فلا أحد يقدر على إطلاقه. فإن قلت: فلم أنّث الضمير أولا فقال: {فَلا مُمْسِكَ لَها} وذكّره ثانيا فقال:
{فَلا مُرْسِلَ لَهُ؟} قلت: هما لغتان: الحمل على لفظ" ما "لأنه مذكر، والحمل على معناها؛ لأنه بمعنى الرحمة. وقيل: لما فسر الرحمة كان الرجوع إلى معناها أقرب من لفظها، ولما لم يسمها في الثانية ناسب أن يحمل على لفظها.
(١) رواه عبد الله بن المبارك في الزهد (١/ ٧٤ رقم ٢٢١)، ونسبه له السيوطي في الدر المنثور (٢٢٨/ ١) وقال الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار التي في الكشاف (٣/ ١٤٦): وهو مرسل جيد. قال ابن الأثير في النهاية في غريب الأثر (٥/ ١٩٠): الوصع: يروى بفتح الصاد وسكونها وهو طائر أصغر من العصفور، والجمع وصعان.