للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤) عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٨) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩)}

{قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ} فيه معنيان؛ أحدهما: قد فرض الله لكم الاستثناء في أيمانكم؛ من قولك: تحلل في يمينه: إذا استثنى فيها، ومنه: حلا أبيت اللعن، بمعنى: استثن في يمينك إذا طلقتها، وذلك أن تقول: إن شاء الله عقيبه؛ حتى لا تحنث. والثاني: قد فرض اله لكم تحلتها بالكفارة، ومنه قوله عليه السلام:" لا يموت لرجل ثلاثة أولاد فتمسه النار إلا تحلّة القسم " (١).

فإن قلت: ما حكم تحريم الحلال؟ قلت: قد اختلف فيه؛ فأبو حنيفة يراه يمينا في كل شيء ويعتبر الانتفاع المقصود من تلك العين؛ فإذا حرم طعاما فقد حلف على أكله، أو أمة فعلى وطئها، أو زوجة فعلى الإيلاء منها إذا لم يكن له نية؛ في تفاصيل تذكر في كتب الفقهاء (٢) وقد أساء الزمخشري الأدب على رسول الله صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين حيث قال: وكانت زلة من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما الزلة القبيحة من الزمخشري (٣).


(١) رواه البخاري رقم (١٢٥١)، ومسلم رقم (٢٦٣٢) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (٤/ ١٠٩)، البحر الرائق لزين بن إبراهيم (٤/ ٢١٧)، بدائع الصنائع للكاساني (٣/ ١٦٨)، التمهيد لابن عبد البر (٢١/ ٢٤٩)، كشاف القناع للبهوتي (٦/ ٢٤٠)، المبدع لابن مفلح الحنبلي (٩/ ٢٧٣)، الهداية شرح البداية للمرغياني (٢/ ١٣).
(٣) ينظر قوله في: الكشاف (٤/ ٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>