للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتقدمين إلا الكتابة بالقلم. {كَلاّ} ردع لمن كفر بنعمة الله عليه. {إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى} {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى} أي: لأن رأى نفسه، وأفعال الشك واليقين يتحد فاعلها ومفعولها؛ تقول: لو رأيتني وعلمتني. ولا يجوز ذلك في غيرها (١) ومعنى الرؤية: العلم، ولو كانت بمعنى الإبصار لاقتصرت على مفعول واحد. {إِنَّ إِلى رَبِّكَ} التفات أيضا عن الحديث عن الإنسان.

و {الرُّجْعى} مصدر؛ كالبشرى. وقيل: نزلت في أبي جهل، قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أتزعم أن من استغنى طغى، فاجعل لنا جبال مكة ذهبا وفضة لعلنا نأخذ منها فنطغى فندع ديننا، ونتبع دينك، فنزل جبريل، وقال: إن شئت فعلنا ذلك، ثم إن لم يؤمنوا فعلنا بهم ما فعلنا بأصحاب المائدة، فكف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء؛ إبقاء عليهم (٢). {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى} بعض عباد الله عن طاعة الله والركوع والسجود. أو ينهى عبدا أمر بالتقوى، فيما يأمر به من عبادة الأوثان.

{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى (١٤) كَلاّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ (١٥) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (١٨) كَلاّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩)}

{بِأَنَّ اللهَ يَرى} مشاهد له على أعماله، ومطلع على نيّاته، فهو يجازيه بحسب ذلك. وقوله:

{الَّذِي يَنْهى} مع (٣٤٥ /أ) الجملة الشرطية وهما في موضع المفعولين. فإن قلت: فأين جواب الشرط؟. قلت: تقديره: إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى ألم يعلم بأن الله يرى؛ حذف لدلالة الكلام عليه. فإن قلت: فما {أَرَأَيْتَ} الثانية وتوسطها بين مفعولي "أرأيت"؟ قلت: هي زائدة مكررة؛ للتوكيد. وقيل: هو أمية بن خلف، كان ينهى سلمان عن الصلاة.

{كَلاّ} ردع لأبي جهل، وزجر له عن نهيه عن عبادة الله. {لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ} لنأخذن بناصيته، ولنسحبنه بها إلى النار. والسفع: القبض على الشيء، وجذبه، واكتفى بلام العهد عن الإضافة، والتقدير: لنسفعنه بناصيته.

{بِالنّاصِيَةِ} بدل من الناصية، وجاز بدلها من المعرفة، وهي نكرة؛ لأنها وصفت فتخصصت. قلت: هذا مما لا حاجة إليه؛ فإنه يجوز بدل المعرفة من النكرة، والنكرة من


(١) ينظر: شرح الكافية الشافية لابن مالك (١/ ٢٥١)، همع الهوامع للسيوطي (١/ ٤٩٩).
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٧٧٧) وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف (ص: ١٨٦): لم أجده.

<<  <  ج: ص:  >  >>