للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: كان أبرهة جد النجاشي الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة. وعن عائشة قالت: رأيت قائد الفيل وسائسه أعميين مقعدين يستطعمان (١). وقيل: إن أبرهة أخذ لعبد المطلب مائتي بعير (٣٤٨ /أ) فجاء عبد المطلب إلى أبرهة وكان عبد المطلب رجلا وسيما جسيما، فقيل لأبرهة: هذا سيد قريش يطعم الناس في السهل، والوحوش في رؤوس الجبال، فقال له أبرهة: ما حاجتك؟ قال: إبل لي أخذها جندك. فقال له أبرهة: نقصت من عيني، جئت لأهدم ما فيه شرفك وشرف أسلافك، فلم تكلمني فيه، وكلمتني في إبل يسيرة! فقال: أنا رب الإبل، ولهذا البيت رب يمنعه منك. فقال: ما كان ليمنعه مني. ثم رجع عبد المطلب، وضرب حلقة الباب وقال:

لا همّ إنّ العبد يمنع رحله فامنع حلالك ... لا يغلبنّ صليبهم ومحالهم عدوا محالك

إن كنت تاركهم وكعبتنا فأمر ما بدالك ... يا ربّ لا أرجو لهم سواكا

يا ربّ فامنع منهم حماكا

إن عدوّ البيت من عاداكا.

فبينما هو يدعو إذ جاءت الطير من قبل اليمن. وفي القصة: أن أبرهة احتاط على أموال أهل مكة، وجمع عبد المطلب من أموالهم شيئا كثيرا، فكان سبب يساره (٢).

والمعنى بقوله: {أَلَمْ تَرَ} أنك رأيت بعض آثار رحمة الله وسمعت الأخبار فيه متواترة، فقامت لك مقام الرؤية. و {كَيْفَ} في موضع نصب ب‍ {فَعَلَ رَبُّكَ} ولا يجوز أن يعمل فيه {أَلَمْ تَرَ؛} لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله. {فِي تَضْلِيلٍ} كقوله: {وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ} (٣) وقيل لامرئ القيس: الملك الضليل؛ لأنه ضلل ملك


(١) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٣/ ٢٨٥) وقال: رواه البزار ورجاله ثقات.
(٢) روى هذه القصة الحاكم في المستدرك (٢/ ٥٣٥)، والبيهقي في دلائل النبوة (١/ ١١٥ - ١٢٥)، وأبو نعيم في دلائل النبوة (ص: ١٠٠ - ١٠٨)، وذكرها ابن هشام في السيرة النبوية (١/ ٤٩ - ٥١)، وابن كثير في البداية والنهاية (٢/ ١٧٠ - ١٧٦)، والبيت الأخير من الشعر تكملته عند البيهقي في الدلائل:
إن عدو البيت من عاداكا إنهم لن يقهروا قواكا
(٣) سورة غافر، الآية (٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>