للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: "الاستئناس بالناس من علامة الإفلاس، وإقبالك على الحق إدبارك عن الخلق، وإقبالك على الخلق إدبارك عن الحق، وقد عدوا من أصول الطريق الإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار" (١).

وقال في موضع آخر: "اتخاذ الأماكن للعبادة والعزلة مطلوب عند القوم" (٢).

والمتأمل لهذا الدين الإسلامي يجد أنه مبنيٌّ على التعاون بين المسلمين، ومخالطتهم والصبر على أذاهم، ونفعهم قدر الوسع، ورغم أنَّ السلف كانوا يؤثرون الوحدة والعزلة عن الناس اشتغالًا بالعلم والتعبُّد فإنَّ ذلك لم يقطعهم عن الجمعة والجماعات، ولم يُعرف عنهم أنهم التزموا أماكن مظلمة للعبادة، أو ترهبنوا في الجبال قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (٣)، وقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (٤).

ولقد قال نبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في أفضل العبادات: «صلاة الرَّجُل مع الرَّجُل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرَّجُلين أزكى من صلاته مع الرَّجُل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله - عز وجل -» (٥).


(١) إيقاظ الهمم، ص ٨٦.
(٢) البحر المديد ٢/ ٤٩٤.
(٣) سورة المائدة: ٢.
(٤) سورة آل عمران: ١٠٣.
(٥) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة ١/ ٢٠٧، ح ٥٥٤، والنسائي، كتاب الإمامة، باب الجماعة إذا كانوا اثنين، ٢/ ١٠٤، ح ٨٤٣، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة ٤/ ٥٤٢ برقم ١٩١٢.

<<  <   >  >>