للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإنسان تحقيق علم أو عمل فتخلَّى في بعض الأماكن مع محافظته على الجمعة والجماعة فهذا حق (١).

احتجاج ابن عجيبة على مشروعية الخلوة:

أ تحنث النبي - صلى الله عليه وسلم - في غار حراء في مبدأ الوحي، فالخلوة للمريد لا بدَّ منها في ابتداء أمره، فإذا قوي نوره ودخل مقام الفناء صلح له حينئذٍ الخلطة مع الناس، بحيث يكون جسده مع الخلق وقلبه مع الحق، فإن لله رجالًا أشباحُهم مع الخلق تسعى وأرواحهم في الملكوت ترعى (٢).

ب احتج بأنَّ الله واعد موسى أربعين ليلة ثم حصلت له المناجاة والمكالمة، وقاس النبيَّ على الولي (٣).

وهذه الأدلة التي استدل بها؛ ليصحح ما يراه حق، لا يسلم له بها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله قبل النبوة ثم لم يفعلها بعد ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والاعتكاف الشرعي في المساجد كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله هو وأصحابه - رضي الله عنهم - من العبادات الشرعية، وأما الخلوات فبعضهم يحتج فيها بتحنثه بغار حراء قبل الوحي وهذا خطأ؛ فإن ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة إن كان قد شرعه بعد النبوة فنحن مأمورون باتباعه فيه وإلا فلا، وهو من حين نبَّأه الله - عز وجل - لم يصعد بعد ذلك إلى غار حراء ولا خلفاؤه الراشدون - رضي الله عنهم - وقد أقام - صلى الله عليه وسلم - بمكة قبل الهجرة بضع عشرة سنة ودخل مكة في عمرة القضاء وعام الفتح أقام بها قريبًا من عشرين ليلة, وأتاها في حجة الوداع وأقام بها أربع ليال وغار حراء قريب منه ولم يقصده" (٤).


(١) مجموع الفتاوى ١٠/ ٤٠٥.
(٢) البحر المديد ٢/ ٤٩٤.
(٣) المرجع نفسه ٢/ ٢٥٥.
(٤) مجموع الفتاوى ١٠/ ٣٩٤.

<<  <   >  >>