للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما احتجاجه على الخلوة بأن الله - عز وجل - واعد موسى أربعين ليلة فيرد عليه بما يلي:

- أنَّ هذه ليست من شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - بل شُرعت لموسى - عليه السلام -.

- قاس الولي على النبي متأثرًا بالفلاسفة فالنبوة عندهم: فيضٌ يفيض على الإنسان بحسب استعداده، وهي مكتسبة عندهم، ومن كان متميزًا -في قوته العلمية، بحيث يستغني عن التعليم، وشُكِّلَ في نفسِهِ خطابٌ يَسمعه كما يَسْمَعُ النائمُ، وشخصٌ يُخاطبه كما يُخاطَبُ النائمُ، وفي العملية بحيث يؤثر في العنصريات تأثيرًا غريبًا- كان نبيًّا عندهم ... وهم لا يثبتون ملكًا مفضلًا يأتي بالوحي من الله تعالى، ولا ملائكة، بل ولا جنًّا يخرق الله بهم العادات للأنبياء، إلا قوى النفس ... وقول هؤلاء، وإن كان شرًّا من أقوال كفَّار اليهود والنصارى وهو أبعد الأقوال عمَّا جاءت به الرُّسُل، فقد وقع فيه كثيرٌ من المتأخرين الذين لم يشرق عليهم نور النبوة من المدعين للنظر العقلي والكشف الخيالي الصوفي وإن كان غاية هؤلاء الأقيسة الفاسدة والشك، وغاية هؤلاء الخيالات الفاسدة والشطح (١).

ج- أن الله - عز وجل - لم يجعل الرياضات والمجاهدة والخلوات شرطًا، لكي يطلع رسله على الغيب، بل ارتضى لهم ذلك {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} (٢).

والنبوة كما هو مقرَّرٌ عند أهل السُّنَّة والجماعة اصطفاء من الله - عز وجل - قال - سبحانه وتعالى -: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (٣).


(١) ينظر: منهاج السُّنَّة النبوية ٢/ ٤١٥، النبوات ١/ ٣٤.
(٢) سورة الجن: ٢٦ - ٢٧.
(٣) سورة الحج: ٧٥.

<<  <   >  >>