للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن جرير الطبري: "الله يختار من الملائكة رسلًا كجبرئيل وميكائيل اللذين كانا يرسلهما إلى أنبيائه، ومن شاء من عباده ومن الناس، كأنبيائه الذين أرسلهم إلى عباده من بني آدم، ومعنى الكلام: الله يصطفي من الملائكة رسلًا ومن الناس أيضًا رسلًا" (١).

قال ابن تيمية: "فمن أين يحصل لغير الأنبياء نورٌ إلهيٌّ تدرك به حقائق الغيب وينكشف له أسرار هذه الأمور على ما هي عليه، بحيث يصير بنفسه مدركًا لصفات الرَّبِّ وملائكته، وهذا الكلام أصله من مادة المتفلسفة والقرامطة الباطنية، الذين يجعلون النبوة فيضًا من العقل الفعَّال على نفس النبي، ويجعلون ما يقع في نفسه من الصور هي ملائكة الله، وما يسمعه في نفسه من الأصوات هو كلام الله، ولهذا يجعلون النبوة مكتسبة، فإذا استعد الإنسان بالرياضة والتصفية فاض عليه ما فاض على نفوس الأنبياء، وعندهم هذا الكلام باطلٌ باتفاق المسلمين واليهود والنصارى" (٢).

وقال في موضعٍ آخر: "ولا يزال الأولياء مع الأنبياء في إيمان الغيب، ولا يتصور أن يُعطى الولي ما أعطيه النَّبيُّ من المشاهدة والمخاطبة، وأفضل الأولياء أبو بكر - رضي الله عنه - وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - ونحوهم، وليس في هؤلاء من شاهد ما شاهده النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المعراج، ولا شاهد الملائكة الذين كانوا ينزلون بالوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا سمع أحد منهم كلام الله - عز وجل - الذي كلَّم به نبيَّه ليلة المعراج، ولا سمع عامة الأنبياء فضلًا عن الأولياء كلام الله كما سمعه موسى بن عمران، ولا كلَّم الله


(١) جامع البيان ١٨/ ٦٨٧.
(٢) درء تعارض العقل والنقل ٥/ ٣٥٣.

<<  <   >  >>