للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر الثاني: الفناء في مشهد الإلهية، وحقيقته (الفناء) عن إرادة ما سوى الله ومحبته، والإنابة إليه، والتوكل عليه، وخوفه ورجائه، فيفنى بحبِّه عن حُبِّ ما سواه، وبخوفه ورجائه عن خوف ما سواه ورجائه، وحقيقة هذا الفناء إفراد الرب سبحانه بالمحبة، والخوف والرجاء، والتعظيم والإجلال ... " (١).

ولا شكَّ أنَّ تحكيم الذوق أعقب الكثير من المفاسد، أخطرهما نبذ الكتاب والسُّنَّة، وعدم التحاكم إليهما وهذا خلاف ما عليه أهل السُّنَّة والجماعة وسلف الأُمَّة، بل هي من البدع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "ومن خرج عن الشرع الذي بعث الله به محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ظانًا أنه متبعٌ للحقيقة فإنه مضاهٍ للمشركين المكذِّبين للرسل عليهم السلام" (٢).

وقال ابن القيم - رحمه الله -: "وقع من تحكيم الذوق من الفساد ما لا يعلمه إلا الله - عز وجل -، فإنَّ الأذواق مختلفة في أنفسها، كثيرة الألوان، متباينة أعظم التباين، فكلُّ طائفة لهم أذواقٌ وأحوالٌ ومواجيد، بحسب معتقداتهم وسلوكهم، فالقائلون بوحدة الوجود لهم ذوق وحال ووجد في معتقدهم بحسبه، والنصارى لهم ذوق في النصرانية بحسب رياضتهم وعقائدهم، وكل من اعتقد شيئًا أو سلك سلوكًا -حقًّا كان أو باطلًا- فإنه إذا ارتاض وتجرَّد لزمه، وتمكَّن من قلبه، وبقي له فيه حال وذوق ووجد، فيذوق من يزن الحقائق إذن ويعرف الحق من الباطل" (٣).


(١) مدارج السالكين ٣/ ٣٥١، وينظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية ١٠/ ٣٥٣.
(٢) مجموع الفتاوى ١١/ ٥٠٨.
(٣) مدارج السالكين ١/ ٤٩١ - ٤٩٢، وينظر: ص ٤٩٦.

<<  <   >  >>