للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلاقة الذوق بالكشف والتجلِّي (١) تكمن في ثلاث مراتب (٢):

١ - التجلِّي الأول: هو التجلِّي الذاتي، وهو تجلِّي الذات وحدها لذاتها، وهي الحضرة الأحدية (٣)، التي عرَّفها ابن عجيبة بقوله: "الحضرة عبارة عن كشف رداء الصون عن أصل نور الكون، فتلوح أنوار القدم على صفحات العدم فيتلاشى الحادث ويبقى القديم" (٤).

٢ - التجلِّي الثاني: هو الذي تظهر به أعيان الممكنات الثانية، التي هي شؤون الذات لذاته تعالى وهو التعيين الأول بصفة العالمية والقابلية؛ لأنَّ الأعيان معلوماته الأولى الذاتية القابلة للتجلِّي الشهودي، وللحق بهذا تنزل الحضرة الأحدية إلى الحضرة الواحدية بالنسبة الأسمائية (٥).

٣ - التجلِّي الشهودي: هو ظهور الوجود المسمَّى باسم النور، وظهور الحقِّ بصور أسمائه في الأكوان التي هي صورها وهذه هي عقيدة وحدة الوجود.

وعقيدة وحدة الوجود (٦) حوت الكثير من المفاسد العقدية، منها:

الأول: أنَّ حقيقة قولهم: أنَّ الله لم يخلق شيئًا ولا ابتدعه ولا برأه ولا صوَّره؛ لأنَّه


(١) التجلِّي الصحيح إذا أريد به كون جميع الكائنات آيات لله - عز وجل - شاهدة دالة مظهرة لما هو مستحق له من الأسماء الحسنى والصفات العلى، وعن مقتضى أسمائه وصفاته خلق الكائنات، فهو تعالى قد أظهر من آثار علمه وحكمته ورحمته ما لا يحصيه إلا هو فهو ربُّ العالمين، والعالمون ممتلئون بما فيهم من آثار أسمائه وصفاته. ينظر: مجموع الفتاوى ٢/ ٤٠٠ - ٤٠١.
(٢) ينظر: المصادر العامَّة للتلقي عند الصوفية عرضًا ونقدًا، ص ١٩٣، ٥٤٠.
(٣) معجم اصطلاحات الصوفية، ص ١٤٦.
(٤) إيقاظ الهمم، ص ٩١.
(٥) معجم اصطلاحات الصوفية، ص ١٤٦.
(٦) لها مبحث خاص في الباب الثالث من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>