للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقل الشعراني (١) قول ابن عربي (٢)، (٣)،: "جميع علومنا من علوم الذوق لا من علوم بلا ذوق؛ فإنَّ علوم الذوق لا تكون إلا عن تجلٍّ إلهيّ، والعلم قد يحصل لنا بنقل المخبر الصادق وبالنظر الصحيح" (٤).

أما أهل السُّنَّة والجماعة -ولله الحمد- فهم مطبقون على أنَّ التوحيد مصدره الكتاب والسُّنَّة.

ولم يثبت عن أحد من السلف أنه قال: إنه عرف الله بأسمائه وصفاته عن طريق الذوق، ولو كان خيرًا لسَبقوا ولم يُسبقوا.

فمصادر المعرفة عند أهل السُّنَّة والجماعة توقيفية على الكتاب والسُّنَّة وإجماع الأُمَّة، وهذه الأصول الثلاثة عندهم ميزان لأقوال الناس جميعًا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " ... وهم يَزنِوُنَ بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلُّق بالدين" (٥).

وفي ختام هذا المبحث يتضح جليًّا أنَّ ابن عجيبة يقدِّم الذوق والكشف على مصادر التلقي المعتبرة عند أهل السُّنَّة والجماعة، وهذا نصٌّ صريحٌّ لقوله بذلك، فعند


(١) أبو محمد، عبد الوهاب بن أحمد بن علي الحنفي الشعراني الصوفي، له مؤلفات عدة منها: لواقح الأنوار في طبقات الأخيار المعروف بالطبقات الكبرى، لطائف المنن، توفي سنة ٩٧٣ هـ. ينظر: الموسوعة الصوفية، ص ١٨٩، ٣٤٠.
(٢) أبو بكر، محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله، محيي الدين الطائي الحاتمي الأندلسي المعروف بابن عربي الصوفي، ولد بمرسية بالأندلس سنة ٥٦٠ هـ، وسكن في أشبيلية، ثم رحل إلى أفريقية، ثم إلى مكة، ثم استقر بالشَّام إلى أن توفي سنة ٦٣٨ هـ، من مؤلفاته: الفتوحات المكية، فصوص الحكم. ينظر: تاريخ الإسلام ١٤/ ٢٣٧، البداية والنهاية ١٧/ ٢٥٢ - ٢٥٣.
(٣) سيأتي دفاع ابن عجيبة عن ابن عربي في الباب الثالث من الكتاب.
(٤) اليواقيت والجواهر في عقيدة الأكابر، للشعراني ٢/ ٨٤.
(٥) مجموع الفتاوى ٣/ ١٧٥.

<<  <   >  >>