للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى نفسه بلسان حاله، وأن عنده من ذلك طرفًا، وبعضهم يزعم أنه حصل له من ذلك الأمر حاصل.

ومنهم من له القدرة على تصنيف الحكايات والمرائي التي يختلقها من تلقاء نفسه، سيما -والعياذ بالله تعالى- ما ابتلي به بعضهم من تجرئه ودعواه رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام، وأنه أقبل عليه وخاطبه وأمره ونهاه، بل بعضهم يدعي رؤيته - عليه الصلاة والسلام - في اليقظة، وهذا بابٌ ضيِّق، وقلَّ من يقع له ذلك الأمر" (١).

ولقد تضاعف الشَّرُّ وكثر خطره بسبب تصدُّر من ليس له علمٌ بصحيح الرواية من ضعيفها، للتصنيف، وتفسير الكتاب العزيز بما يناسب أهواءهم؛ لإثبات البطالة وانتظار السماء أن تمطر ذهبًا وفضَّة، فافتروا على ربِّ العالمين، فاختلقوا الخرافات المختلفة، والأقاصيص المنحولة، والأساطير المفتعلة في تفسير كتاب الله - عز وجل - فحرَّفوا، وغيَّروا وبدَّلوا، وقد أصيب الإسلام وأهله بداهية دهياء، وفاقرة عظمى، ورزية كبرى، من أمثال هؤلاء الكذَّابين الدجَّالين الذين يجترئون على الكذب، وكتب المتصوفة التي امتلأت من الحكايات المكذوبة ما الله به عليم (٢).

ولم يفرق ابن عجيبة بين الكرامات والحكايات المختلقة المكذوبة، فأصبح السحرُ حلالًا بزعمه أنه قد يكون كرامة لولي.

قال الشيخ السعدي - رحمه الله -: " ... قد أدخل الناس في الكرامات أمورًا كثيرة، اخترعوها وافتروها، وخدعوا بها العوام والسُّذَّج من الناس، وأوهموهم بأنها من الكرامات وليست إلا قسمًا من الخرافات والشعوذات، وأهل السُّنَّة والجماعة أبعد


(١) المدخل ٣/ ١٥٢.
(٢) ينظر: فتح القدير ٥/ ٥٠٩، واجتماع الجيوش الإسلامية، ص ٧٧.

<<  <   >  >>