للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته لا شبيه له، وواحد في أفعاله لا شريك له، وأشهر الأنواع الثلاثة عندهم هو الثالث وهو "توحيد الأفعال" وهو أنَّ خالق العالم واحد، وهم يحتجون على ذلك بما يذكرونه من دلالة التمانع وغيرها ويظنون أنَّ هذا هو التوحيد المطلوب، وأنَّ هذا هو معنى قولنا (لا إله إلا الله) حتى يجعلوا معنى الإلهية القدرة على الاختراع" (١).

ووضح ابن تيمية مقصود الأشاعرة من هذا التقسيم فقال: "وليس مرادهم بأنه لا ينقسم ولا يتبعَّض أنه لا ينفصل بعضه عن بعض، وأنه لا يكون إلهين اثنين، ونحو ذلك مما يقول نحوًا منه النصارى والمشركون، فإن هذا مما لا ينازعهم فيه المسلمون، وهو حقٌّ لا ريب فيه، وكذلك كان علماء السلف ينفون التبعيض عن الله بهذا المعنى، وإنما مرادهم بذلك أنه لا يشهد ولا يرى منه شيءٌ دون شيء، ولا يدرك منه شيءٌ دون شيء، بحيث إنه ليس له في نفس حقيقة عندهم قائمة بنفسها يمكنه هو أن يشير منها إلى شيء دون شيء، أو يرى عباده منها شيئًا دون شيء بحيث إذا تجلَّى لعباده يريهم من نفسه المقدسة ما شاء، فإن ذلك غير ممكن عندهم، ولا يتصور عندهم أن يكون العباد محجوبين عنه بحجاب منفصل عنهم يمنع أبصارهم عن رؤيته، فإن الحجاب لا يحجب ما هو جسم منقسم ولا يتصور عندهم أن الله يكشف عن وجهه الحجاب ليراه المؤمنون، ولا أن يكون على وجهه حجاب أصلًا، ولا أن يكون بحيث يلقاه العبد أو يصل إليه أو يدنو منه أو يقرب إليه في الحقيقة، فهذا ونحوه هو المراد عندهم بكونه لا ينقسم، ويسمون ذلك نفي التجسيم، إذ كل ما ثبت له ذلك كان جسمًا منقسمًا مركَّبًا، والبارئ منزَّه عندهم عن هذه المعاني" (٢).


(١) مجموع الفتاوى ٣/ ٩٧، والتدمرية، ص ١٨٥.
(٢) التسعينية ٣/ ٧٨٠.

<<  <   >  >>