للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه بأنه باطل؛ لأنه ادعاء لا دليل عليه، كما أنه لا يمكن أن يأتوا بمثال صحيح لاستخدام الواحد في القرآن والسُّنَّة واللغة بأنه الذي لا ينقسم، فإن لفظ الواحد وما يتصرف منه لا يطلق في لغة العرب وغيرهم من الأمم إلا على ما يسميه أهل الكلام منقسمًا فهل يصح أن لا يوجد مثال لما سموه حقيقة؟ وهل أصبحت كل الأمثلة مجازًا؟، والحقيقة أن ما عرَّف به أهل الكلام الواحد هو شيء لا يتصوره ولا يعقله الناس، فإنهم لا يعلمون وجوده حتى يعبروا عنه (١).

وهذا الدليل قد يقلب عليهم قال ابن تيمية: "إذا قال قائل: دلالة القرآن على نقيض مطلوبهم أظهر، كان قد قال الحق، فإن القرآن نزل بلغة العرب، وهم لا يعرفون الواحد في الأعيان إلا ما كان متصفًا بالصفات، مباينًا لغيره، مشارًا إليه، وما لم يكن مشارًا إليه أصلًا، ولا مباينًا لغيره، ولا مداخلًا له، فالعرب لا تسميه واحدًا، ولا أحدًا بل ولا تعرفه، فيكون الاسم الواحد والأحد دلَّ على نقيض مطلوبهم منه لا على مطلوبهم" (٢).

وحتى لا يكون الكلام جزافًا من غير دليل فإنَّ ابن عجيبة يعتقد عقيدة الأشاعرة في تعريفه للتوحيد، فلقد ورد في كتاب جوهرة التوحيد (٣) شرحٌ لهذه الأقسام وهي "الوحدانية الشاملة لوحدانية الذات، ووحدانية الصفات، ووحدانية الأفعال تنفي كمومًا (٤) خمسة:


(١) درء تعارض العقل والنقل ٧/ ١١٤ - ١١٦، وينظر: حقيقة التوحيد بين أهل السُّنَّة والمتكلِّمين، ص ١١٠.
(٢) المرجع نفسه ٧/ ١١٧.
(٣) واسمه: فتح المجيد في بيان تحفة المريد على جوهرة التوحيد، إبراهيم بن محمد الباجوري، وهو أحد شروح منظومة التوحيد على عقيدة الأشاعرة، لبرهان الدين اللقاني.
(٤) الكم: هو العرض الذي يقتضي الانقسام لذاته. التعريفات، للجرجاني، ص ٢٣٩.

<<  <   >  >>