للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أنَّ غاية ما عندهم هو شهود هذا التوحيد، وهو أن يشهد أنَّ الله ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكه وخالقه، لا سيِّما إذا غاب العارف بموجوده عن وجوده، وبمشهوده عن شهوده، وبمعروفه عن معرفته، فابن عجيبة وغيره من المتصوفة الذين يشهدون الحقيقة الكونية، المتضمِّنة لخلق الله وإيجاده، وأغفلوا الحقيقة الشرعية المتضمِّنة لأمر الله ونهية، واتباع ما جاء به من الهدى والنور، والحق في ذلك أن يجمع بين شهود الحقيقتين الكونية والشرعية (١).

٣ - القول بوحدة الوجود، وتصور مذهبهم هذا كافٍ في بيان فساده، إذ التوحيد عندهم: "أنَّ الحقَّ المنزَّه هو عين الخلق المشبَّه، وأنَّه سبحانه هو عين وجود كل موجود، وحقيقته وماهيته، وأنَّه آية كلِّ شيء، وله فيه آية تدلُّ على أنه عينه، وهذا عند محققيهم من خطأ التعبير، بل هو نفس الآية، ونفس الدليل، ونفس المستدل، ونفس المستدل عليه، فالتعدد بوجود اعتبارات وهمية، لا بالحقيقة والوجود، فهو عندهم عين الناكح، وعين المنكوح وعين الذابح، وعين المذبوح، وعين الآكل، وعين المأكول.

ومن فروع هذا التوحيد: أنَّ فرعون وقومه مؤمنون كاملو الإيمان، عارفون بالله على الحقيقة، ومن فروعه: أنَّ عُبَّاد الأصنام على الحق والصواب، وأنهم إنما عبدوا عين الله سبحانه لا غيره، ومن فروعه: أنَّ الحق أن لا فرق في التحريم والتحليل بين الأُمِّ والأخت والأجنبيَّة، ولا فرق بين الماء والخمر، والزنا والنكاح، الكل في عينٍ واحدة، بل هو العين الواحدة، وإنما المحجوبون عن هذا السر قالوا: هذا حرام وهذا حلال، نعم هو حرام عليكم؛ لأنكم في حجاب عن حقيقة هذا


(١) ينظر: التدمرية ١/ ١٨٧

<<  <   >  >>