للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* صفة الغضب:

قال ابن عجيبة: "الغضب ثوران النَّفس وإرادة الانتقام" (١).

يثبت أهل السُّنَّة والجماعة صفة الغضب، وهي من الصفات الفعليَّة التي يفعلها الله - عز وجل - إذا شاء، ومتى شاء، كما يليق بجلاله - سبحانه وتعالى -، وإثباتها من غير تعطيل، ولا تحريف، ولا تمثيل، ولا تكييف.

وما ذهب إليه ابن عجيبة من تأويلها بإرادة الانتقام فهو باطل، قال ابن أبي العز (٢): "مذهب السَّلف وسائر الأئمة إثبات صفة الغضب والرضى، والعداوة والولاية، والحب والبغض ونحو ذلك من الصفات التي ورد بها الكتاب والسُّنَّة، ومنع التأويل الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله تعالى، كما يقولون مثل ذلك في السَّمع والبصر والكلام وسائر الصفات ... ولا يقال: إنَّ الرضى إرادة الإحسان، والغضب إرادة الانتقام، فإنَّ هذا نفي للصفة" (٣).

ويقال لابن عجيبة وغيره من المؤولة الذين نفوا صفة الغضب عن الله - عز وجل - خشية مشابهة غضب المخلوق كما زعموا: إنَّ هناك ثمة فروق بين غضب المخلوق، وغضب الخالق، ومنها:

١ - غضب المخلوق حقيقته غليان دم القلب، وجمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم حتى يفور.

أمَّا غضب الخالق فإنَّه صفة لا تماثل هذا، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ


(١) اللوائح القدسية في شرح الوظيفة الزروقية، ص ١٣٣، وينظر: تفسير الفاتحة، ص ٣٤٤.
(٢) هو: أبو الحسن، علي بن علاء الدين بن شمس الدين، المعروف بابن أبي العز، حنفي المذهب، كان قاضي القضاة بدمشق، ثم الديار المصرية، توفي سنة ٧٩٢ هـ. ينظر: الدرر الكامنة ٣/ ٨٧.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية ٢/ ٦٨٥.

<<  <   >  >>