للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١).

٢ - أنَّ غضب الآدمي يؤثر آثارًا غير محمودة، فالآدميُّ إذا غضب قد يحصل منه ما لا يحمد، فيقتل المغضوب عليه، وربما يطلق زوجته، أو يكسر الإناء، ونحو ذلك، أمَّا غضب الله فلا يترتب عليه إلا آثار حميدة لأنَّه حكيم، فلا يمكن أن يترتب على غضبه إلا تمام الفعل المناسب الواقع في محله، فغضب الله ليس كغضب المخلوقين، لا في الحقيقة ولا في الآثار، وإذا قلنا ذلك فلا نكون وصفنا الله بما يماثل صفات المخلوقين، بل وصفناه بصفةٍ تدلُّ على القوة وتمام السلطان; لأنَّ الغضب يدلُّ على قدرة الغاضب على الانتقام وتمام سلطانه; فهو بالنسبة للخالق صفة كمال، وبالنسبة للمخلوق صفة نقص.

ويدلُّ على بطلان تأويل الغضب بالانتقام قوله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} (٢) فإنَّ معنى {آسَفُونَا}: أغضبونا; فجعل الانتقام غير الغضب، بل أثرًا مترتبًا عليه; فدلَّ هذا على بطلان تفسير الغضب بالانتقام (٣).

وكذلك من القواعد المقرَّرة عند أهل السُّنَّة والجماعة أنَّ القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر.

يقول ابن تيمية - رحمه الله -: "القول في بعض الصفات كالقول في بعض؛ فإن كان المخاطب ممن يقول بأنَّ الله حيٌّ بحياة، عليمٌ بعلم، قديرٌ بقدرة، سميعٌ بسمع، بصيرٌ ببصر، متكلِّمٌ بكلام، مريدٌ بإرادة، ويجعل ذلك كله حقيقة، وينازع في محبته ورضاه


(١) سورة الشورى: ١١.
(٢) سورة الزخرف: ٥٥.
(٣) ينظر: القول المفيد على كتاب التوحيد ١/ ٤٢٢.

<<  <   >  >>