للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا التفصيل في الإثبات فهو متناوِلٌ لكلِّ اسمٍ أو صفةٍ وردت في الكتاب والسُّنَّة، وهو من الكثرة بحيث لا يمكن لأحدٍ أن يحصيه؛ فإنَّ منها ما اختص الله - عز وجل - بعلمه كما قال نبيُّنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم -: «سبحانك لا نحصي ثناءً عليكَ أنتَ كما أثنيتَ على نفسك» (١) (٢).

أمَّا هذه الألفاظ التي أطلقها ابن عجيبة فلم ترد في الكتاب والسُّنَّة فمن قال: إنَّ الله جسمٌ أو ليس بجسمٍ قلنا له: إنَّك مبتدع وتقوَّلت على الله - عز وجل -، ونطالبه بدليلِ النَّفي، ودليل الإثبات، ويقال له: خالفت طريق السَّلف والأئمَّة الذين يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع وبالعقل، ويراعون أيضًا الألفاظ الشرعية، فيعبِّرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلًا، ومن تكلَّم بقول مبتدع يحتمل حقًّا وباطلًا نسبوه إلى البدعة، ويقولون قابل البدعة ببدعة ورد الباطل بباطل (٣).

ولذلك كان من أصولهم في هذا الباب الالتزام بالألفاظ الشرعيَّة، أمَّا ما كان محدثًا أوفيه إجمالٌ فينظر فيها، فإذا كان المعنى باطلًا رُدَّ اللَّفْظ والمعنى، وإن كان له معنى حق رُدَّ اللَّفْظُ وقُبِل المعنى وعُبِّر عن المعنى باللَّفظ الشرعي الصحيح (٤).

قال ابن تيمية - رحمه الله -: "فهذه الألفاظ مجملة، فإن أُريد بها المعروف في اللغة بأنه لا ينفصل بعضه عن بعض، ولا يتجزأ فيفارق جزء منه جزءًا كما هو المعقول من التجزئ، ولا يتعدد فيكون إلهين أو ربين أو خالقين، لم يركب فيؤلف فيجمع أبعاضه، فهذا كلُّه ينافي صمدانيته، ولكن لا ينافي قيام ما يثبته من الأصوات، كما لا ينافي قيام سائر الصفات.


(١) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يُقال في الركوع والسجود، ٤/ ٤٥٠، رقم ١١١٨.
(٢) ينظر: شرح الواسطية، ص ٣٨.
(٣) ينظر درء تعارض العقل والنقل ١/ ٢٤١، بيان تلبيس الجهمية ٢/ ٤٩٨ - ٥٠٠.
(٤) ينظر: شرح العقيدة الطحاوية، تحقيق: الشيخ عبد الله التركي -حفظه الله- ١/ ٢٥٤،

<<  <   >  >>