للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (١)، وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} (٢).

والخليلان هما أكمل خاصَّة الخاصة توحيدًا، ولا يجوز أن يكون في الأُمَّة من هو أكمل توحيدًا من نبيٍّ من الأنبياء، فضلًا عن الرُّسُّل، فضلًا عن أولي العزم، فضلًا عن الخليلين" (٣).

وقال أيضًا: وإنَّ هذا توحيد خاصَّة الخاصة، الذي لا شيء فوقه، ولا أخص منه، وأنَّ الخليلين أكمل الناس فيه توحيدًا، فليهن العامة نصيهم منه (٤).

وقال: "ولظهوره وجلائه أرسل الله به رسله، وأنزل به كتبه، وأمر الله به الأولين والآخرين من عباده، وأمَّا الرَّمز والإشارة والتعقيد الذي لا يكاد أن يفهمه أحدٌ من الناس إلا بجهد وكلفة فليس مما جاءت به الرُّسُل، ولا دعوا إليه، فظهور هذا التوحيد وانجلاؤه ووضوحه وشهادة الفطر والعقول به من أعظم الأدلة أنه أعلى مراتب التوحيد، وذروة سنامه، ولذلك قوي على نفي الشرك الأعظم، فإنَّ الشيء كُلَّما عظم لا يدفعه إلا العظيم، فلو كان شيء أعظم من هذا التوحيد لدفع الله به الشرك الأعظم، ولعظمته وشرفه نُصبت عليه القبلة، وأُسِّست عليه الملَّة، ووجبت به الذمة، وانفصلت به دار الكفر من دار الإسلام، وانقسم به الناس إلى سعيد وشقي، ومهتد وغوي، ونادت عليه الكتب والرُّسُل" (٥).


(١) سورة الممتحنة: ٤.
(٢) سورة الزخرف: ٢٦.
(٣) مدارج السالكين ٣/ ٥٠٥ - ٥٠٦.
(٤) المرجع نفسه ٣/ ٥٠٦.
(٥) نفسه ٣/ ٥٠٧.

<<  <   >  >>