للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتناقض؛ لأنَّه قد أراد، ويحملون كلام المشايخ الذين يمدحون بترك الإرادة على ترك الإرادة مطلقًا، وهذا غلطٌ منهم على الشيوخ المستقيمين، وإن كان من الشيوخ من يأمر بترك الإرادة مطلقًا فإنَّ هذا غلطٌ ممن قاله فإن ذلك ليس بمقدور ولا مأمور.

فإنَّ الحيَّ لا بدَّ له من إرادة، فلا يمكن حيًّا ألا تكون له إرادة، فإنَّ الإرادة التي يحبها الله ورسوله ويأمر بها أمر إيجاب أو أمر استحباب لا يدعها إلا كافر أو فاسق أو عاص إن كانت واجبة، وإن كانت مستحبة كان تاركها تاركًا لما هو خير له" (١).

ومما لا شكَّ فيه أنَّ مبنى الأعمال على الإخلاص (٢) هو أصلٌ لكلِّ خير، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إنَّ الشيطان جعل لكلِّ شيءٍ من الخلق نظيرًا في الباطل، فإنَّ أصل الشرِّ هو الإشراك بالله كما أنَّ أصل الخير هو الإخلاص لله؛ فإن الله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وحده لا يشركوا به شيئًا وبذلك أرسل الرُّسُل، وبه أنزل الكتب كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (٣)، وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (٤).


(١) مجموع الفتاوى ١٠/ ٤٩٤ - ٤٩٥، وهذه المسألة تدخل في مسائل القدر، وأوردتها هنا لبيان ما عناه ابن عجيبة من كلمته الموهمة (الوقت)، وإلا سيتم تضمينها مع مسائل أخرى في مبحث القدر.
(٢) ينظر، تحفة الأحوذي ٥/ ٢٢٦.
(٣) سورة الأنبياء: ٢٥.
(٤) سورة النحل: ٣٦.

<<  <   >  >>